اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 243
و [الشرط] الثاني:تأخّر الخبر عن اسمها، فلو تقدّم بطل العمل كقولهم: ما مسيء من أعتب،
و لا قاعد رجل، و يروى مسيئا على الإعمال، و هو شاذّ و أمّا قول الفرزدق [من البسيط]:
172-
فأصبحوا قد أعاد اللّه نعمتهم
إذ هم قريش و إذ ما مثلهم بشر
ففي انتصابه أربعة أقوال: قيل: إنّ الفرزدق تميميّ، و سمع أنّ أهل
الحجاز ينصبون الخبر، و لم يعلم أنّ ذلك يختصّ بالتأخير دون التقديم، فغلط على لغة
غيره لا على لغته فلذلك لم يسقط الاحتجاج بلغته، و قيل: إنّ إعمال ما في الخبر لغة
للعرب إذا تقدّم، و هذه دعوى. و قيل: إنّ مثلهم ينتصب على الحال، و إنّ الخبر
العامل في الحال محذوف، كأنّه قال: و إذ ما في الدنيا مماثلا لهم بشر، و هذا ضعيف،
لأنّ المعاني لا تعمل في الأحوال و تحذف، و قيل: إنّ مثلهم ينصب على الظرف، كما
تقول: ما أحد مثل زيد، و أنت تريد ما أحد فوقه في المترلة و لا مكانه في الشرف،
قاله ابن بابشاذ في شرح الجمل، و قيل: مثلهم مبتدأ، و لكن بني لإبهامه مع أضافته
للمبنيّ.
الثالث:تأخّر معمول الخبر عن الاسم، فلو قدّم بطل العمل، كقوله [من الطويل]:
فيمن نصب كلّا لضعفهما في العمل، فلا يتصرّف في خبرهما و لا معموله،
إلا إذا كان المعمول ظرفا أو مجرورا، فيجوز التقديم، و لا يبطل العمل، نحو: ما
عندك زيد مقيما، و ما بي أنت مستغنيا، لتوسّعهم فيهما ما لا يتوسّع في غيرهما كما
مرّ[2]، و قضية كلامه كغيره إن تقدّم الخبر يمنع العمل، و ان كان ظرفا أو
مجرورا.
و صرّح به ابن مالك، و قيل: لا يمنع حينئذ. قال بعضهم: و هو المختار
قياسا على معمول الخبر و على خبر أنّ و أخواتها. و قال غيره: ما صحّحه ابن مالك من
منع تقديم الخبر الظرفي لا يكاد يعقل، فإنّ تقديم المعمول فرع تقدّم العامل بل لو
عكس فصحّح الجواز في الخبر، و المنع في معموله لكان أشبه بالصواب، فإنّ المعمول قد
يمنع تقدّمه، حيث يجوز تقدّم العامل، ألا ترى أنّ معمول خبر كان لا يتقدّم على
اسمها مع جواز تقدّم الخبر.
«يشترط في ما»خاصّة «عدمزيادة إن»الزائدة «معها»، فلو زيدت بطل العمل، كقوله [من البسيط]:
[1] - هو من قصيدة لمزاحم بن الحارث بن عمرة
العقيلي. اللغة: تصرّف: فعل أمر، و المنازل: منصوب على نزع الخافض و الأصل: تعرفها
في المنازل، و المنى: موضع النحر بمكة، وافى: فعل ماضي بمعنى أتى و بلغ.