اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 226
لا يتقدّم أحد معمولي إنّ و أخواتها عليها:
«لا يتقدّم أحد معموليها»من الاسم و الخبر «عليهامطلقا»،أي ظرفا أو جارّا و مجرورا كان الخبر و غيره، فلا يقال: زيدا إنّ
قائم، و لا قائم أو عندك أو في الدار إنّ زيدا، و ذلك لأنّ لها صدر الكلام فلو
قدّم زالت الصدريّة، و أمّا أنّ المفتوحة فإنّه و إن لم يكن لها صدر الكلام،
لكنّها كالموصول، إذ هي مع معموليها في تأويل المفرد، فلا يتقدّم عليها شيء منها.
قال الرضيّ: كلّ ما يغيّر معنى الكلام، و يؤثّر في مضمونه، و كان
حرفا، فمرتبته الصدر، كحروف النفي و التنبيه و الاستفهام و التشبيه و التحضيض و
العرض و غيرها لينبيء السامع ذلك الكلام من أوّل الأمر على ما قصد المتكلّم. و
كلّ واحد من هذه الحروف يدلّ على قسم من أقسام الكلام بخلاف أنّ المكسورة، فإنّها
لا تدلّ على قسم من أقسامه بل هي لتوكيد معنى الجملة فقط، و التوكيد تقوية الثابت،
لا تغيير المعنى، إلا أنّها مع ذلك وقعت موقع حرف ابتداء كاللام، فوجب تصدّرها، و
أمّا المفتوحة فلكونها مع جزئيها في تأويل المفرد، وجب وقوعها مواقع المفردات
كالفاعل و المفعول و خبر المبتدأ و المضاف إليه، فلا تتصدّر، و إن كانت في مقام
المبتدأ الّذي حقّه الصدر، انتهى.
لا يتقدّم خبر إنّ و أخواتها على اسمها إلا إذا كان ظرفا:
«لا»يتقدّم «خبرهاعلى اسمها»لضعفها في العمل، لأنّها إنّما عملت
بالحمل على الفعل لمشابهتها له فيما مرّ «إلاإذا كان الخبر ظرفا أو جارّا و مجرورا»،فإنّه يجوز تقدمّه على اسمها حينئذ
من الجواز بمعنى مقابل الامتناع فيشمل ما تقدمّه واجب و جائز، «نحوقوله تعالى:إِنَّ فِي ذلِكَ
لَعِبْرَةً [آل
عمران/ 13]»،إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا [المزمل/ 12]، فتقدّم الخبر على الاسم في الآية الأولى واجب، لأنّه لو
أخّر لزم إيلاء لام الابتداء لأنّ و هو ممتنع، و في الثانية جائز على ما نصّ عليه
الجرجانيّ، و اعتمده غيره من جواز كون اسم أنّ نكرة محضة، و إنّما جاز ذلك مع
الظرف و المجرور، لأنّهم يتوسّعون فيهما ما لا يتوسّعون في غيرهما، و ما ألطف قول
ابن عنين[1]يشكو
تأخرّه [من الطويل]:
148-
كأنّي من أخبار انّ و لم يجز
له أحد في النحو أن يتقدّما
عسى حرف جرّ من نداك يجرّني
إليك فأضحي في ذراك مقدّما
[1] - ابن عنين (أبو المحاسن محمد) (1154- 1233)
شاعر دمشقي هجّاء رحّالة من أعظم شعراء عصره، له ديوان. المنجد في الأعلام. ص 11.
اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 226