اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 223
«لعلّ»و ليس أصلها علّ و اللام لام الابتداء خلافا للمبرّد كما حكاه عنه
صاحب المفتاح، بل علّ لغة فيها كما سيأتي، و هي لتوقّع مرجوّ أو مخوف، نحو: لعلّ
الحبيب واصل و لعلّ الرقيب حاصل. قال ابن هشام و غيره: و تختصّ بالممكن، و قول
فرعونلَعَلِّي
أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ [غافر/ 36]، إنّما قاله جهلا أو مخرقة و إفكا، انتهى.
قال جماعة منهم الأخفش: و تكون للتعليل كاللام، و حملوا عليه قوله
تعالى:لَعَلَّهُ
يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [طه/ 44]، و من لم يثبته يحمله على الرجاء، و يصرفه للمخاطبين، أي
إذهبا على رجائكما. حكى الأخفش أفرغ عملك لعلّنا نتغذّي، أي لنتغذّي، قالوا:
و لهذا جرت بها عقيل كقوله، و رواه السيرافيّ عن ابن دريد[1]في شرح
الكتاب [من الطويل]:
و قال الكوفيّون: و تكون للاستفهام، و تبعهم ابن مالك، و جعل منه قوله
تعالى:
وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى [عبس/ 3]، و قوله عليه السّلام لبعض الأنصار و قد خرج إليه مستعجلا:
لعلّنا اعجلناك. و الآية عند غيرهم محمولة على الترجّي، و الحديث على الإشفاق.
تنبيهات:الأوّل:اضطربت أقوالهم في لعلّ الواقعة في كلامه تعالى لاستحالة ترقّب غير
الموثوق بحصوله عليه، فقال قطرب و أبو على: معناها التعليل، فمعنى افعلوا الخير
لعلّكم ترحمون، أي لترحموا، و لا يستقيم ذلك في:لَعَلَّ السَّاعَةَ
قَرِيبٌ [الشوري/
17]، إذ لا معنى للتعليل هنا، و قيل: هي لتحقيق الجملة الّتي بعدها، و لا يطّرد
في:لَعَلَّهُ
يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [طه/ 44] إذ لم يحصل من فرعون التذكّر و الخشية.
و أمّا قوله: آمنت بالّذي آمنت به بنو إسرائيل الآية[3]فتوبة يأس
لا معنى تحتها، و لو كان تذكّرا حقيقيّا لقبل منه، و الحقّ ما قاله سيبويه: أنّ
الرجاء و الإشفاق متعلّقان بالمخاطبين، و الأصل في الكلمة أن لا يخرج عن معناها
بالكلّية. فلعلّ منه تعالى حمل المخاطبين على أن يرجوا أو يشفقوا، كما أنّ الشكّ
في أو كذلك، و لا يجب أن يكون
[1] - محمد بن الحسن بن دريد أشعر العلماء و أعلم الشعراء،
له من التصانيف، الجمهرة في اللغة، المقصور و الممدود، أدب الكاتب و ... مات سنة
321 و قيل: بموته مات علم اللغة و الكلام جميعا، المصدر السابق 1/ 76.
[2] - هذان البيتان لكعب بن سعد الغنوي، من قصيدة
مستجادة يرثي فيها أخاه أبا المغوار. و البيت الثاني تقدّم برقم 105.
[3] - لعلّ قصده الآية التسعون من سورة يونسآمَنْتُ أَنَّهُ لا
إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ.
اسم الکتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية المؤلف : المدني، عليخان بن احمد الجزء : 1 صفحة : 223