responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث الاُصول، القسم الثاني المؤلف : الحائري، السيد كاظم    الجزء : 1  صفحة : 112

اعتقالكم غداً، فالدلائل تشير إلى ذلك.

لم يتأثّر السيّد الشهيد، ولم يأبه للعشرات من الأمن المدجّجين بالسلاح الذين يجوبون الزقاق، فذهب إلى مضجعه، ونام وهو في غاية الاطمئنان، بعد أن استعدّ وتهيّأ لكلّ ما يمكن أن يقع له على أيدي هؤلاء الجلاّدين.

قرار المواجهة المباشرة:

قرّر السيّد الشهيد أن يتعامل مع المسؤولين بمستوىً جديد، فصمّم على أن ينهج نَهْجَ جدّه الحسين ، ويتمسّك بمبدأ «لا اُعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد». إنّ موقف السيّد الشهيد هذا ناشئ من تصميمه على الدخول في مواجهة مباشرة مع السلطة; إذ لامعنىً للثورة بدون ذلك. وكان ـ رضوان الله عليه ـ يستهدف من ذلك تهيئة الأجواء للشعب العراقيّ للسير معه في نفس الاتّجاه، على رغم يقين شهيدنا الغالي بأنّ الشهادة هي المحطّة التي سينتهي إليها في آخر المطاف، ولم يكن هذا المصير يقلق مفجّر الثورة; لأنّه لم يكن يفكّر إلاّ بقضيّته ورسالته التي هي رسالة الإسلام.

إنّ السيّد الشهيد يعرف السلطة وطبيعتها الإجراميّة، وكان يعرف أنّ لغتها الوحيدة هي المشانق والسجون، ولم يكن بحاجة إلى التكهّن بمصيره لو أراد مواجهتها; لأنّه يعرف مسبقاً النتيجة، وما أشبهه بجدّه الحسين حين كان يجسّد أمامه مصرعه «كأ نّي بأوصالي تقطّعها عُسلان الفلوات». وهكذا كان شهيدنا العظيم يرى مصرعه، يرى الأيدي الأثيمة تمتدّ إلى قلبه الطاهر لتقطعه بسيوف حقدها، ومع ذلك كان يرى أنّ ذلك يهون ويسهل إذا كان ينتهي إلى إقامة حكومة إسلاميّة في العراق.

لا أقول هذا الكلام بسبب علاقتي أو حبّي للسيّد الشهيد ، بل الوقائع والأدلّة هي الشاهد، وهي البرهان على ما أقول، وسنعيش معاً تلك اللحظات في خلال فترة الحجز حين رفض شهيدنا العظيم كلّ العروض التي قدّمتها السلطة كشرط لفكّ الحجز ولإرضائه، وإنهاء الخصومة معه، ووقف كالجبل الأشمّ حتّى كأنّك تراه وقد نزع الله ـ عزّ وجلّ ـ من كيانه غريزة حبّ الحياة، وأبدلها بغريزة حبّ الاستشهاد، فكان من الطبيعيّ أن يتّخذ هذا الموقف ما دام قد بدأ الثورة، وأذِنَ لشعلتها أن تتوهّج، وتستمرّ حتّى إقامة حكومة الإسلام في العراق.

اسم الکتاب : مباحث الاُصول، القسم الثاني المؤلف : الحائري، السيد كاظم    الجزء : 1  صفحة : 112
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست