اسم الکتاب : مباحث الاُصول القسم الأوّل المؤلف : الحائري، السيد كاظم الجزء : 3 صفحة : 63
إلاّ أنّ هذا الإيراد أيضاً لا يمكن المساعدة عليه; إذ يرد عليه:
أوّلا: أنّه إن قُصد بالملاك المحبوبيّة النفسيّة، لم نُسلّم كون النهي الغيريّ غير مناف له; فإنّ المحبوبيّة والمبغوضيّة متضادّتان، سواءً كانتا نفسيّتين أو غيريّتين أو مختلفتين.
وإن قُصد به المصلحة، فمجرّد قصد المصلحة ـ من دون إضافتها إلى المولى، بأن يأتي بها بما هي محبوبة للمولى ـ لا يوجب التقرّب إلى المولى، فلا تصحّ به العبادة.
وثانياً: أنّ عدم منافاة النهي الغيريّ للملاك لا يفيدنا شيئاً; لإنّهبعد أن كان منافياً للأمر أصبحت العبادة بلا أمر. وقد اتّضح ـ في مناقشة الوجه الثالث للجواب على الإيراد الأوّل ـ : إنّهلا يمكن تصحيح العبادة بمجرّد الملاك من دون أمر; إذ بعد فرض سقوط الأمر لا كاشف عن الملاك.
وقد تحصّل بكلّ ما ذكرناه: أنّ الثمرة التي ذُكرت للبحث في المقام صحيحة، ويمكن صياغتها بهذه الصياغة، وهي: إنّهلو لم يقتض الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه، فضدّه العباديّ لو أتى به كان صحيحاً; لتعلّق الأمر به عرضيّاً أو بنحو الترتّب، ولو اقتضى النهي عن ضدّه كان باطلا.
كما اتّضح أيضاً ـ بما ذكرناه ـ : أنّ الثمرة لا تختصّ بالضدّ العباديّ، بل تجري في التوصّليّ أيضاً; لأنّك قد عرفت: أنّ إحراز الملاك من دون ثبوت الأمر غير ممكن، وعليه فالضدّ يبطل ولو لم يكن عبادة.
ويمكن بيان الثمرة بصياغة اُخرى أوسع وأشمل، وذلك بأن يقال: إنّه بناءً على اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه يرجع باب التزاحم دائماً إلى باب التعارض; لأنّ الأمر بكلّ ضدّ يوجب النهي عن ضدّه الآخر، فيتكاذب الأمران لا محالة. وبناءً على عدم الاقتضاء قد لا يرجع التزاحم إلى التعارض; لإنّهمع فرض
اسم الکتاب : مباحث الاُصول القسم الأوّل المؤلف : الحائري، السيد كاظم الجزء : 3 صفحة : 63