وذكر المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله)[1] عدّة تفسيرات للمنفعة والانتفاع :
التفسير الأوّل : ما فرّعه على الجواب الأوّل من جوابيه اللذين أجاب بهما على إشكال كون سكنى الدار قائمة بالساكن فكيف يملكها مالك الدار ؟ ! وهو الجواب بأنّ المملوك لمالك الدار هي مسكونيّة الدار لا سكنى الساكن ، وهذا التفسير هو أنّ منفعة الدار مثلا عبارة عن مسكونيّة الدار وهي الحيثيّة القائمة بالدار ، والانتفاع عبارة عن سكنى الساكن التي هي حيثيّة قائمة بالمنتفع . ورأى (رحمه الله) أنّ هذا يوجب إشكالا في العارية التي هي تمليك للانتفاع ، لأنّ الانتفاع ـ بناءً على هذا ـ حيثيّة قائمة بالمنتفع وليس ملكاً لمالك العين كي يملّكه بالعارية ، وليس حلّ ذلك ـ في نظره رضوان الله عليه ـ أن تفسّر العارية بإباحة الانتفاع إباحة مالكيّة تتبعها الإباحة الشرعيّة ; لأنّ صيرورة الانتفاع مباحة بالإباحة المالكيّة لا تتوقّف على العارية التي تشتمل على إيجاب وقبول قوليّ أو فعليّ من المنتفع ، بل الانتفاع يباح بمجرّد إذن المالك ، سواء قبله المستعير أوْ لا ، وسواء انتفع بالعين فعلا أوْ لا ، وإنّما حلّ ذلك ـ في نظره قدّس سرّه ـ هو فرض العارية عبارة عن اعتبار التسليط ، أي التسليط الوضعيّ دون التكليفيّ الذي ليس إلاّ إباحة مالكيّة أو شرعيّة ، فمن شؤون ملك العين أن يصحّ له تسليط غيره على عينه للانتفاع بها .
هذا بناءً على ما اختاره (رحمه الله) من أنّ الملك ليس عبارة عن اعتبار التسليط بل هو عبارة عن اعتبار الإحاطة والاحتواء . وعلى أيّ حال فقد قال (رحمه الله) : « حيث إنّ المعير سلّط المستعير على عينه لا أنّه أعطاه ملكه أو سلطانه فليس له نقل الملك أو السلطنة » . وكيف ما كان فهذا التفسير ليس هو مختاراً له (قدس سره) لابتنائه على الجواب الأوّل من الإشكال الماضي على ملكيّة المنفعة .
[1] راجع تعليقته على المكاسب ( فائدة في تحقيق حقيقة الحقّ ) : 8 - 9 .