وأمّا اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) فإنّه أيضاً جعل المنشأ لملكيّة الإنسان لأمواله المنفصلة عنه بحسب الارتكازات العقلائيّة أحد أمرين : الحيازة أو العلاج ، إلاّ أنّه لم يفترض العلاج مملّكاً في مثل الطين أو الماء والثلج كي يرد عليه ما ورد على السيّد الخوئي (رحمه الله) ، بل ذكر ذلك لأجل التفصيل بين المنقولات وغير المنقولات . ففي المنقولات يكون التملّك الأوّلي بالحيازة ، وفي غير المنقولات كالأرض يكون التملّك الأوّلي بالعلاج كالزراعة أو التعمير .
وأفاد اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) : أنّه حصلت عند العقلاء توسّعات في باب الحيازة من جهات شتّى :
فأوّلا ـ حصل عندهم التوسّع من ناحية الحائز ، وذلك في باب الإرث ، فيُرى ابن الميت مثلا أحقّ بمال أبيه من غيره وكأنـّه وجود امتداديّ لوالده . وهذا هو لبّ المقصود للمحقّق النائيني (رحمه الله) ، حيث يقول : إنـّه في باب الإرث يتبدّل طرف الإضافة الذي هو الإنسان لا الطرف الآخر ولا الإضافة[1] . فهذا الكلام تحليل عقلائيّ للمطلب ، لا تحليل عقليّ وفلسفيّ حتى يرد عليه : أنّ الإضافة تتغيّر حتماً بتغيّر أحد طرفيها .
وثانياً ـ حصل عندهم التوسّع من ناحية المال الذي يحاز . فتلحق به نتائجه وأثماره كريع العقار وأثمار الأشجار .
وثالثاً ـ حصل عندهم التوسّع من ناحية ضمان الغرامة ، فيُرى صاحب المال المحاز مستحقّاً لبدله عند إتلاف غيره له إمـّا ضماناً لبدله الأصلي بحسب
[1] راجع منية الطالب 1 : 3 و 35 ، وراجع كتاب المكاسب والبيع للآملي 1 : 86 و 87 .