نعم ، مجرّد الوعد غير المشتمل على الالتزام والتعهّد لا يجب الوفاء به وإن كان مستحبّاً .
والثاني : الرهن مع الإيجار :
قد تعارف بين جمع من الناس تعامل يسمّى برهن البيت مع الإيجار ، وحاصله : أنّ أحدهم يقرض مبلغاً للآخر ، والآخر يؤجّره البيت بسعر منخفض . وقد صدرت من بعض الأعلام الفتوى بالتفصيل في جواز ذلك وعدمه بين ما إذا كان القرض شرطاً في ضمن عقد الإيجار فيجوز ، لأنّه اشترط في ضمن العقد شرطاً سائغاً فهو نافذ ، وما إذا كان الإيجار شرطاً في ضمن عقد القرض فلا يجوز ، لأنّه دخل ذلك تحت عنوان ( قرض جرّ نفعاً ) .
أقول : قد اتّضح بما ذكرناه أنّه لا معنى لهذا التفصيل ، فإنّ الضمنيّة هنا ليست بمعنى التقييد كما مضى ، والضمنيّة بمعنى الظرفيّة البحتة من دون أيّ ربط آخر لا أثر لها ، و لا تجعل القرض قرضاً جرّ نفعاً ، والضمنيّة بمعنى الداعوية أو التقابل ثابتة من كلا الطرفين ، ومجرّد ذكر هذا في ضمن ذاك أو بالعكس ليس عدا فارق في الصياغة اللفظيّة لا تؤثّر على المحتوى الحقيقي للمعاملة إطلاقاً .
نعم ، بالإمكان أن يقال في أصل هذه المعاملة : إنّها قد لا تستبطن قرضاً جرّ نفعاً ، لأنّ البيت المرهون اجرته أقلّ من اُجرة البيت غير المرهون لعجز المالك من إيجاره لغير المرتهن ، فإذا استأجره المرتهن بسعره السوقي النازل لم يكن هنا نفع .
ويرد عليه : أنّ الرهن لو كان مؤثّراً في تقليل المنفعة الاستعمالية للبيت ، وعلى هذا الأساس تنزّلت قيمة الإيجار ، كان هذا الكلام صحيحاً ، ولكنّ الواقع ليس هكذا ، فإنّ تنزّل قيمة الإيجار في المقام إنّما هو نتيجة عجز المالك من إيجاره لغير المرتهن ، وهذا يؤدّي وجداناً إلى انتفاع المقرض .