والفقه الإسلاميّ يرى أنّ العقد إنشاء لنقل الملك مثلا لا للالتزام بنقله ، وأنّ القانون يحكم فوراً بحصول النقل إن كانت الشرائط متوفّرة في حين العقد ، وإلاّ ففي غالب الفروض لا يحصل الملك عند تحقّق الشرط في وقت متأخّر إلاّ بعقد جديد أو بإمضاء للعقد السابق . وقد يفترض نادراً شرط مّا شرطاً لحصول الملك لا لتماميّة العقد ، فإذا حصل متأخّراً حصل الملك الشرعيّ مقارناً للشرط لا مقارناً للتمليك الاعتباريّ الذي صدر من المتعاقدين . مثاله : بيع الصرف بناءً على توقّف حصول الملك فيه على تماميّة القبض .
تعريف العقد في الفقه السنّي :
ولنعد الآن إلى التعريف الذي نقلناه عن فقه السنّة ، وهو ارتباط الإيجاب بالقبول على وجه مؤثّر . وقد جعل الزرقاء اختصاص ذلك بالعقد الصحيح مرجّحاً له على التعريف المنقول عن الفقه القانونيّ .
إلاّ أنّ كون هذا مرجّحاً له غير واضح ، فأيّ بأس في تعريف العقد بالنحو الذي يشمل الباطل ؟ فنحن تارةً نفتّش عن حقيقة العقد القائمة بنفس المتعاقدين ، واُخرى نفتّش عمّا يحدثه الاعتبار التشريعيّ الذي أحدثه المشرّع ، سواء كان هو العقلاء أو أيّ مشرّع آخر ، ولا تلازم بين الأمرين كما قلنا في ما سبق بأنّ إنشاء نقل الملك في اعتبار المتعاقدين مغاير لحصول الملك في اعتبار القانون ، ولا تلازم بينهما ، ولا ينبغي الخلط بينهما ، فبالإمكان أن ننظر في تعريف العقد إلى ما يقوم به المتعاقدان بقطع النظر عن مدى إمضاء الشرع له .
وذكر السنهوريّ ـ بعد نقله لما مضى من تعريف صاحب « مرشد الحيران » للعقد ـ : أنّ تعريف العقد الذي نقلناه عن مرشد الحيران ينمّ عن النزعة الموضوعيّة التي تسود الفقه الإسلاميّ دون النزعة الذاتيّة . فالعقد هو ارتباط الإيجاب بالقبول