لأنّ الشخص الأوّل لو أراد نقله إلى شخص آخر فالمفروض به أن يخلي المكانكي يشغله صاحبه الذي أراد نقل الحقّ إليه ، وبمجرّد إخلائه للمكان ينتهي حقّه ، وتصبح نسبة المكان إلى صاحبه وإلى ايّ إنسان آخر على حدّ سواء .
وإن شئت فقل : إنّ كلا الأمرين راجعان إلى فكرة الخصوصيّة المقوّمة ، إلاّ أنّه تارةً يفرض أنّ الخصوصيّة المقوّمة أشارت إلى شخص معيّن ولا ينتقل الحقّ إلى غيره لفقدان الغير لتلك الخصوصيّة ، واُخرى يفرض أنّ الخصوصيّة المقوّمة أشارت إلى فترة معيّنة من الزمان كفترة جلوسه في المسجد مثلا ، وبفقدانها يفقد نفس الشخص الأوّل الخصوصيّة فينتهي حقّه . نعم ، قد يأخذ مالا من شخص مّا لقاء أن يخلي المكان فيتمكّن الآخر من إشغاله ، وهذا خروج عمّا نحن بصدده .
هذا ، وكلّ حقّ لايقبل الإسقاط عرفاً لا يقبل النقل أو الإرث عرفاً أيضاً ، لأنّ عدم قبوله للإسقاط كان لدخل مصلحة فيه غير مصلحة ذي الحقّ . ومن الواضح أنّ مصلحة الشخص الآخر التي أوجبت ثبوت حقّ الولاية أو الوصاية أو غيرهما لشخص مّا ليست بالضرورة منحفظة لدى انتقال الحقّ إلى شخص آخر ، وليس ذو الحقّ هو صاحب المصلحة فقط حتى يحقّ له عرفاً أن يقول : أنا أرفع يدي عن مصلحتي .
اعتبار الماليّة في نقل الحقّ :
وهناك مشكلة اُخرى في مسألة نقل الحقّ أو المعاملات التي تكون بحاجة إلى ماليّة العوضين فيها ، وهي أنّه هل الحقّ يعتبر مالا كي يمكن نقله بتلك المعاملة أوْ لا ؟
والواقع أنّ الحقّ ليس مالا ، فإنّ حاله حال الملك . وكما أنّ الملك لم يكن يعتبر مالا وإنّما كان يتعلّق بالمال كذلك الحقّ لا يعتبر مالا ، وإنّما يتعلّق بالمال .