وكان من جملة الآثار العمليّة للشخصيّة الحقوقيّة تمثّلها بمتولّيها لدى القاضي في المرافعة دون حاجة إلى إحضار الشركاء أو الحكم عليهم بعنوان الحكم على الغائب ، وبإمكان الوليّ الفقيه لدى المصلحة أن يحجر الشركاء عن متابعة وضع الأموال الموجودة في الشركة فيما هو متنازع فيه ، فيصبحون بذلك قاصرين عن المرافعة ومحتاجين إلى الوليّ ، فيجعل متولّي الشركة وليّاً عليهم يتابع المرافعة كمتابعة الأب المرافعة الراجعة إلى طفل صغير .
ولو لم نقبل ما مضى منّا في آخر بحث الطريق الأوّل من ارتكازيّة تمليك الصناديق الخيريّة أو الجهات الاُخرى كان بإمكان الفقيه لدى المصلحة أن يلزم الملاّك ، وكذلك ورثتهم بعد موتهم بما كان مباحاً لهم من عدم الاستفادة من تلك الأموال وأن لا تصرف إلاّ في مصاريف تلك الجهة .
وإن شئت قلت : إنّ الشخصيّة الحقوقيّة ليست إلاّ صياغة عقلائيّة وتكييفاً عقلائيّاً لهذه الأحكام ، فلئن لم يكن فرض هذه الأحكام من قِبل الفقيه خروجاً عن نظام الشريعة الإسلاميّة ففرض الشخصيّة الحقوقيّة من قِبل الفقيه لا يُعدّ خروجاً عن هذا النظام ، فيكون مشمولا لدليل ولاية الفقيه .
نعم ، يبقى الشأن بعد كلّ هذا في إحراز المصلحة الاجتماعيّة في ذلك ; لأنّ ولاية الفقيه إنّما هي في حدود مصالح المجتمع لا في العمل بالرغبة وهوى النفس .
بيع سهام الشركات وشراؤها :
يبقى الكلام في مسألة بيع سهام الشركات وشرائها .
وبيع السهم عبارة عن إيكاله لشخص آخر لقاء ثمن . وملخّص الكلام في ذلك : أنّ الشركة يمكن أن تفترض لها إحدى حالات ثلاث :
الحالة الاُولى : أن نفترض لها شخصيّة حقوقيّة في مقابل الشركاء تملك وتبيع وتشتري وتقترض وتهب وما إلى ذلك ، وهي خارجة من ملك الشركاء إطلاقاً وإنّما الشركاء يعتبرون في ما جعلوا فيها من أموال حقيقيّة دائنين لها .