الإمام عليّ عليه السلام وموقفه من معاوية :

حينما بُويع الإمام عليّ على تولّي الخلافة بعد مقتل عثمان بن عفّان قبلها مكرهاً، وقال قولته الشهيرة: «دَعوني والتَمِسوا غيري ... واعلَموا أ نّي إن أجبتكم ركبتُ بكُم ما أعلم، ولم اُصغِ إلى قول القائل وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلّي أسمَعُكُم وأطوَعُكُم لمن ولَّيتُموه أمرَكُم، وأنا لكم وزيراً خيرٌ لَكُم منّي أميراً»[1]. وكان معنى هذا القول فيما يستبطنه من معاني: أنّ الإمام يطلب البيعة من الناس على المنهج والخطّ، وليس على الخلافة والإمارة والسلطة بعدما استطاعت التجربة المنحرفة والمتعاقبة على تزييف معنى الخلافة وقيادة المسلمين؛ إذ أمست الخلافة في وجدان القطّاع العريض من المسلمين تشير إلى المنصب، ولا ترى في الرجال الذين يتعاقبون عليه ميزة في منهج أو شيء آخر، لاسيّما وأنّ الانحراف في قيادة التجربة الإسلاميّة بعد وفاة رسول الله تحوّل بمرور الزمن إلى نظريّة وقواعد في الحكم استقرت بشكلها الأكثر انحرافاً في أيّام خلافة عثمان، فكان الإمام عليّ يمثّل الاتجاه الآخر والصحيح، وقد برز هذا الأمر جليّاً أيّام خلافة عثمان عندما دخل الإمام في صراع مكشوف وعلني معه؛ ليثبت للاُمّة محتوى واُسس وأخلاقيّات نظريّته في