responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الواضحة المؤلف : الحائري، السيد كاظم    الجزء : 1  صفحة : 809

وإذا عرفنا ـ إلى جانب ذلك ـ أنّ العبادة تتطلّب جهوداً مختلفةً منالإنسان ، فأحياناً تفرض عليه جهداً جسدياً فحسب كما في الصلاة ، وأحياناً جهداً نفسياً كما في الصيام ، وثالثةً جهداً مالياً كما في الزكاة ، ورابعةً جهداً غالياً على مستوى التضحية بالنفس أو المخاطرة بها كما في الجهاد .

إذا عرفنا ذلك استطعنا أن نستنتج عمق وسعة التدريب الروحي والنفسي الذي يمارسه الإنسان من خلال العبادات المتنوّعة : على القصد الموضوعي ، وعلى البذل والعطاء ، وعلى العمل من أجل هدف أكبر في كلّ الحقول المختلفة للجهد البشري .

وعلى هذا الأساس نجد الفرق الشاسع بين إنسان نشأ على بذل الجهد من أجل الله وتربّى على أن يعمل بدون انتظار التعويض على ساحة العمل ، وبين إنسان نشأ على أن يقيس العمل دائماً بمدى مايحقّقه من مصلحة ، ويقوّمه على أساس ما يعود به عليه من منفعة ، ولا يفهم من هذا القياس والتقويم إلاّ لغة الأرقام وأسعار السوق ، فإنّ شخصاً من هذا القبيل لن يكون في الأغلب إلاّ تاجراً في ممارساته الاجتماعية مهما كان ميدانها ونوعها .

واهتماماً من الإسلام بالتربية على القصد الموضوعي ربط دائماً بين قيمة العمل ودوافعه ، وفصلها عن نتائجه . فليست قيمة العمل في الإسلام بما يحقّقه من نتائج ومكاسب وخير للعامل أو للناس أجمعين ، بل بما ينشأ العمل عنه من دوافع ومدى نظافتها وموضوعيّتها وتجاوزها للذات .

فمن يتوصّل إلى اكتشاف دواءِ مرض خطير وينقذ بذلك الملايين من المرضى لا تقدَّر قيمة هذا العمل عند الله سبحانه وتعالى بحجم نتائجه وعدد من أنقذهم من الموت ، بل بالأحاسيس والمشاعر والرغبات التي شكّلت لدى ذلك المكتشف الدافع إلى بذل الجهد من أجل ذلك الاكتشاف ، فإن كان لم يعمل

اسم الکتاب : الفتاوى الواضحة المؤلف : الحائري، السيد كاظم    الجزء : 1  صفحة : 809
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست