اسم الکتاب : الفتاوى الواضحة المؤلف : الحائري، السيد كاظم الجزء : 1 صفحة : 50
2 ـ الأدنى لا يكون سبباً لما هو أعلى منه درجة .
3 ـ اختلاف درجات الوجود في هذا الكون وتنوّع أشكاله كيفياً .
وفي ضوء هذه القضايا الثلاث نعرف أ نّا نواجه في الأشكال النوعية المتطوّرة نموّاً حقّاً ، أي تكاملا في وجود المادة وزيادةً نوعيةً فيه ، فمن حقّنا أن نتساءل : من أين جاءت هذه الزيادة ؟ وكيف ظهرت هذه الإضافة الجديدة ما دام أنّ لكلّ حادثة سبباً كما تقدم ؟
وتوجد بهذا الصدد إجابتان :
إحداهما : أ نّها جاءت من المادة نفسها ، فالمادة التي لا حياة فيها ولا إحساس ولا فكر أبدعت من خلال تطوّرها الحياة والإحساس والفكر ، أي إنّ الشكل الأدنى من وجود المادة كان هو السبب في وجود الشكل الأعلى درجةً ، الأغنى محتوى .
وهذه الإجابة تتعارض مع القضية الثانية المتقدمة ، التي تقرّر أنّ الشكل الأدنى درجةً لا يمكن أن يكون سبباً لِمَا هو أكبر منه درجةً وأغنى منه محتوىً من أشكال الوجود ، فافتراض أنّ المادة الميّتة التي لا تنبض بالحياة تمنح لنفسها أو لمادة اُخرى الحياة والإحساس والتفكير يشابه افتراض أنّ الإنسان الذي يجهل اللغة الإنجليزية يمارس تدريسها ، وأنّ درجة الضوء الباهت بإمكانها أن تعطينا ضوءاً أكبر درجةً كضوء الشمس ، وأنّ الفقير الذي لا يملك رصيداً يموّن المشاريع الرأسمالية .
والإجابة الثانية على السؤال : أنّ هذه الزيادة الجديدة التي تعبّر عنها المادة من خلال تطوّرها جاءت من مصدر يتمتّع بكلّ ما تحتويه تلك الزيادة الجديدة من حياة وإحساس وفكر ، وهو الله ربّ العالمين سبحانه وتعالى ، وليس نموّ المادة إلاّ تنميةً وتربيةً يمارسها ربّ العالمين بحكمته وتدبيره وربوبيته : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَة مِنْ طِين * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرَار مَكِين * ثُمَّ خَلَقْنَا
اسم الکتاب : الفتاوى الواضحة المؤلف : الحائري، السيد كاظم الجزء : 1 صفحة : 50