لقد تجمّعت في كتاب الله المجيد كل ركائز التربية ووسائلها وبواعثها، ولعل من أبرزها وأعلى درجاتها هو الصوم، إذ هو كفٌّ للنفس عن الأمور التي يحل التعامل معها في غير حالة الصيام. فإنها تربّي الإنسان وتدرّبه وتنمّيه على قوة الإرادة والعزم، وتجعله قادراً على اجتناب ما أحلّه الله له في الحالات العادية.
ثم إن الله سبحانه وتعالى قد أمر في كتابه بالصيام على نمطين، النمط العام هو الصيام في شهر رمضان المبارك، وكتبه علينا كما كتب على الذين من قبلنا من الأمم الأخرى. والنمط الثاني هو الذي يخص بعض الأولياء، فهو بالإضافة إلى ترك الطعام والشراب، كذلك يجب ترك الكلام فيه، كما هو معروف في قصة النبي زكريا عليه السلام، حيث أمره الله تعالى بالخروج على قومه من المحراب وألّا يكلمهم، كعلامة على ولادة ابنه يحيى. وكذلك في قصة مريم عليها السلام التي نذرت للرحمن صوماً فلم تكلم الناس، وأمرتهم بتوجيه خطابهم إلى طفلها الرضيع عيسى عليه السلام لإثبات نبوته وهو في المهد ..