اسم الکتاب : القيادة السياسية في المجتمع الإسلامى المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 34
(لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فما أرى أحداً يُشبههم منكم، لقد كانوا يُصبحون شُعثا غبراً، وقد باتوا سجّداً وقياماً، يُراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذِكر معادهم، كأن بين أعينهم رُكَبَ المعزى من طول سجودهم، إذا ذُكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادُوا كما يَميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفاً من العقاب ورجاءً للثواب) [1].
أو ليس هؤلاء هم الذين يجب أن نتمثل هداهم ونقتدي بسيرتهم ونختار قياداتنا وفق مواصفاتهم. إن هؤلاء لم يكونوا أنبياء، وإنما كانوا أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إقتبسوا من نور الرسالة شعلة أوقدت في قلوبهم محبة الله وخوف القيامة، وأثارت في نفوسهم تلك الفطرة السليمة التي أودعها الله في كل انسان، ونحن باستطاعتنا أن نكون مثلهم.
وعنه عليه السلام في حديث آخر يقول وهو يتأوه شوقا إلى أولئك الذين كانوا على عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فاستشهدوا أو ماتوا، وتركوه وحيداً:
(أين القوم الذين دُعوا إلى الإسلام فَقبلوه، وقرءوا القُرآن فأحكموه، وهِيجوا إلى الجهاد فَوَلِهوا وَلَهَ اللِّقاح- الناقة- إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها، وأخذوا بأطراف الارض زحفاً زحفاً، وصفاً صفاً، بعضٌ هلك وبعضٌ نجا، لا يُبشرون بالأحياء، ولا يعزون عن الموتى. مُرْهُ العيون من البكاء، خُمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء، صُفْرُ الالوان من السهر، على وجوههم غَبَرة الخاشعين، أولئك اخواني الذّاهبون، فحق لنا أن نظمأ إليهم ونَعضّ الأيدي على فِراقهم) [2].