ومثل هذا النظام المرجو قد بيّنه الله سبحانه في قوله يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثَى وَ جَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَ قَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات/ 13)، ومن الطبيعي أن نظام المعرفة لا يختص بمجرد المعرفة الجغرافية أو التأريخية أو الشخصية فقط بل هو نظام اعتراف واحترام وصيانة حقوق، لتأخذ عملية المنافسة في ظل هذه التعدّدية والاعتراف بها مصداقيتها الكاملة. المنافسة التي يفترض أن تكون باتجاه السبق إلى نيل أكبر قدر من الكرامة والحظوة لدى الله سبحانه وتعالى. وقد قال أميرالمؤمنين عليه السّلام:
«فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع، وإن الآخرة قد أشرفت بإطلاع ألا وإنّ اليوم المضمار محل التنافس وغدا السباق، والسبقة الجنّة والغاية النار» [1].
وفي آية قرآنية يحدّد ربّنا عزّ اسمه النظام والإطار الذي ينبغي أن يجري فيه التنافس فيقول: وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَى (المائدة/ 2) بمعنى ضرورة إيجاد حالة من حالات العمل المشترك ضمن نظام معيّن يكفل الخير والسعادة، ولا يعني بالضرورة أن أذوب فيك أو أن تذوب فيَّ.
إذن؛ فالسبب الذي يدعونا إلى إقرار التعدّدية أنها سنّة الله في خلقه، وكونها ضمان المحافظة على كرامة الإنسان وحركته ومنافسته المستمرة نحو انتخاب الأصلح من بين الأمور والاتجاهات.
[1] - نهج البلاغة، خطبة رقم 28.آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي(دام ظله)، على طريق الحضارة - قم، چاپ: اول، 1428.