إن وعي قيمة وأهمية عنصر الزمن أساس التكامل في الإنسان، وعندما نستخدم مفردة الوعي علينا أن نستوعب ما تختزله هذه المفردة من حقائق وأبعاد. فالزمن هو أغلى ما يملكه المخلوق، ولقد تمر ظروف معينة بالإنسان يتمنى خلالها أن ينفق كل ما يملك من ثروات من أجل العودة أو إيقاف حركة الزمن ولو لبرهة قصيرة. هذا فضلًا عن حالة الموت الحتمية التي تنتظره كحقيقة ثابتة، حيث صورها الله تعالى بقوله الكريم:
وَ أَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ (المنافقون/ 10). غير أن هذه الرغبة لا تتحقق أبداً، بدليل قوله تعالى: فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَ لَا يَسْتَقْدِمُونَ (الأعراف/ 34). وهذا الوقت الذي يهدره الإنسان غير المؤمن بالأطنان سيكون بحاجة إلى مثقال ذرّة منه.
وفي الوقت الذي يتصور فيه الناس أنهم يتقدمون ويتطورون يقول ربّنا عزّ وجلّ وبكل تأكيدإِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (العصر/ 2). وعلى صعيد الحساب الزمني فإن من الخطأ الفادح أن يحسب الإنسان عمره بما مرّ عليه من سنين، بل الصحيح هو أن حساب عمره يترتب عليه ما يستقبله من زمن.
* الحرص وطول الأمل
ومن الملفت للنظر أن الله جلّ جلاله كلما وهب للإنسان زيادة في العمر تراه يتشبث بالحياة أكثر فأكثر متصوراً