لا تستطيع الخروج من ظلمة الشرك لو لم تخرج من سجن الذات، ومعتقل هوى النفس. وإذا أمعنت النظر لرأيت جذر كل كفر وشرك وعصيان، حب النفس وهواها؛ بل وحتى الذي يعبد الأصنام أو الطغاة فانما يعبد هواه في صورة الطغاة، وشهواته في هيكل الأصنام. فاذا خرجت من حب الذات، وتحديت ظلمات الهوى، فانك تنطلق في رحاب التوحيد باذن الله، بلا قيود وبلا حدود. وبوابتك الى معرفة التوحيد سورة الاخلاص، التي تختصر بصائر الوحي في معرفة الرب ببضع كلمات.
بالرغم من أن كلمة" أحد" مشتقة من" واحد" كما قالوا، إلا أنها أبلغ دلالة على معنى الوحدانية، وأنه سبحانه لا نظير له ولا شريك، ولا أعضاء فيه ولا أجزاء، لا في الواقع ولا في العقل والوهم سبحانه. وليس معنى الأحد والواحد أنه واحد من اثنين، أو أنه نوع من الأنواع، كلا .. إنه الواحد بلا عدد، الأحد بلا مثل ولا شبه.
وتتجلّى أحديّة الله في معرفة هيمنته الشاملة على كل شيء، وأنه الفعّال لما يريد، وأن له العبادة، وأن ما يُعبد من دونه ليس بشيء.
ومن مظاهر أحدية الله أنه" الصمد" وتشير الصمدية الى حقائق شتى تجمعها بصيرة واحدة، هي أن الله بلا أعضاء وأجزاء، ولا حالات تطرأ عليه سبحانه.