والسبب الذي يؤهل الربانيين والأحبار لحكم الناس وقيادتهم، يشير إليه الله تعالى في قوله: (بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ) (المائدة، 44). فملاك الحكومة بالنسبة الى الربانيين والأحبار يتمثل في أمرين هما:
1- حفظ كتاب الله؛ أي إنّ الله سبحانه جعلهم حفظة لكتابه، وعيبة لعلمه وخزنة لحكمته، فهم يعلمون الكتاب، ويعرفون المبادئ القانونية له.
2- إنّهم يطبقون الكتاب، وعندما يطبقون الكتاب فانّهم يكونون شهداء عليه؛ أي يقومون بدور الرقابة على تنفيذه.
الشهادة أصعب المراحل
إن حفظ كتاب الله هو أمر ليس بالعسير جداً، فانت باستطاعتك أن تدرس لفترة ما لتصبح عالماً بعد ذلك، ولكن الأمر الصعب أن تكون شهيداً. فنحن عندما نصل الى آية كآية الشهادة فانّ فكر الانسان ينذهل، فأي مستوى عظيم أن يصل الانسان الى مستوى الشهيد الشاهد؟
إن الشهيد يراقب طول حياته تطبيق الكتاب في نفسه وفيمن حوله، والفرق بين كلمة (الشاهد) و (الشهيد) إنّ الشهداء جمع شهيد وليس جمعاً للشاهد، فأنا وأنت شهود الآن، والشهود هي جمع للشاهد. وعلى سبيل المثال فاننا جميعاً شهود على هذا المجلس، ولكن الشهيد يتمثل في جهاز التسجيل، لاننا ننسى ولكن هذا الجهاز يبقى وتستمّر شهادته، في حين أن شهاداتنا لا تستمّر.
والفاعل يفعل الفعال ثم ينتهي دوره، في حين إنّ الصفة المشبهة ك- (كريم) و (جميل) و (شهيد) وما الى ذلك تمثل صفة الاستمرار، فاذا قيل إنّ فلاناً كريم فهذا