على الرغم من إن رسالة السماء تحتوي على بصائر فذة من شأنها تحرير الإنسان من الحتميات وأن تزيده نشاطاً وفعالية وأملًا، إلّا أنّ المسلمين- في واقع الأمر- قد ابتلوا بسحابة داكنة وكثيفة من ثقافة التبرير والخمول والكسل الفاشلة سلفاً، وإنّه بالعودة الى بصائر القرآن الكريم يستطيع المسلمون تحقيق الحياة الفاضلة في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة.
فهناك نظريات فلسفية تقول بالجبر والحتم والجمود تنتهي الى توقف المرء وترددّه، فيما نرى الإسلام- شأنه شأن سائر الأديان السماوية- جاء لينقذ الانسان من نظريات التبرير والجمود والجبرية الخانقة.
إنّ معظم النظريات الفلسفية المختصّة بهذا البحث تدّعي القول بأنّ الله عزّ وجلّ قد فرغ من الأمر؛ بمعنى أنّه سبحانه قد خلق الخلق فقدّره وقضاه ثم تركه لشأنه وجلس ليستريح طويلًا. وها هم اليهود الذين ابتلوا بثقافة الشرك يعتقدون بأن يوم السبت هو يوم استراحة الخالق بعد أن فرغ من عملية الخلق التي دامت ستة أيام. وحسب هذه المزاعم يكون ربنّا العلي العظيم قد أصبح ممنوعاً وفق القوانين التي وضعها لنفسه وللخلق عن التدخل والارادة بشؤون الموجودات. وقالوا في نهاية المطاف: إنّ يد الله مغلولة، فهو عاجز عن التأثير مطلقاً.
وثمة نظرية فلسفية أخرى تدعي بأنّ علم الله محدود بالمجمل من الأمور، وأنّه جاهل بمجريات الأمور وتفصيلاتها وتقلب الأحداث. فهو إذاً- والعياذ بالله- جاهل وعاجز.