responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 133

(فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (الأنعام، 78).

وكان بين هذا وذاك قد وضح لهم الخطل في عبادة القمر وفق الأسلوب المبتني أساساً على الهداية الإلهية القائلة بضرورة أن يكون العابد مطمئناً لمصداقية وأهلية من يعبد، دون إلقاء النفس على كل باهر وتحويله الى معبود.

لقد وضّح النبي إبراهيم عليه السلام في نهاية الأمر أن الرب الأول والآخر هو وحده الذي يهدي الإنسان الى نفسه، على العكس من سائر المعبودات المختلفة التي هي بحاجة لمن يكشف عنها، فقال النبي إبراهيم بصدد ذلك: (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنْ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) (الانعام، 77). أي أنه لا فصل ولا فاصلة بين الشرك بألوانه، بل هي تنتهي بمجموعها الى الضلال والانحراف البعيد عن الهداية والإيمان.

لقد كان النبي إبراهيم عليه السلام على بينة من أمره ورسوخ إيمانه منذ البداية، وقد زادته رؤية ومعرفة ملكوت السماوات والأرض بينةً أخرى على إيمانه فأصبح موقناً، فقال لقومه: (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (الأنعام، 78). وليؤكد لهم أنهم هم المشركون دونه، ولذلك قال كلمته الأخيرة بصراحة بالغة بليغة: (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ) (الانعام، 79).

إذن؛ فالخوف من غير الله يعد شركاً مباشراً بالله عزّ وجلّ، وهذا النوع من الشرك قد يزاوله المسلمون دونما شعور منهم، وذلك بداعي الجهل أو الرغبة الجامحة، أو عدم إيلاء التوحيد الأهمية اللازمة.

فمن يخف من الناس في العلن ويحسب لهم حسابهم، ولا يخاف الله سبحانه فيحلل لنفسه من الحرمات ما يشاء في الخفاء، يعد مشركاً بالله؛ وهو الرب الذي أحق بالخشية، لأنه هو الرازق الواهب المدبر، وهو المحاسب في الآخرة دون سواه.

ومن يرج غير الله تعالى، فكأنما يرمي بنفسه في أشراك الطبيعة لتأخذه كل مأخذ.

اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 133
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست