ولأنه كان ابن والي الكوفة التي ولد فيها، وكان يعيش في كنف الخلافة العباسية، فقد دفع مجموعة من تأليفاته إلى المعتصم العباسي [1].
وكان متأثراً بشدة بأفكار المعتزلة، مما يجعله- بالطبع- ضمن تيار العقليين، وقد انظم إلى فئة المتكلمين في وجه الحركات المادية والمانوية الفكرية التي كانت سلاحاً بيد المتمردين ضد النظام [2].
وقد ذهب الكندي إلى مذهب المعتزلة في أكثر الموضوعات جدلًا، مثل خلق العالم من عدم، والإقرار بإمكان حدوث المعجزات.
ولكن أهم فرق بينه وبين المتكلمين أنه كان ينتمي إلى تيار الفلسفة الذي يحترم إلى درجة تقديس القدماء آباء العلم والحكمة في نظرهم، وهم اليونان، فيقول عنهم: ينبغي أن يعظم شكرنا للآتين بيسير الحق فضلًا عمّن أتى بكثير من الحق، إذ أشركونا في ثمار فكرهم، وسهّلوا لنا المطالب الحقية الخفية بما أفادونا من المقدمات المسهلة لنا سبل الحق [3].
ولا يخرج الكندي عن إطار الفكر اليوناني بصفة عامة، كاعتقاده بأن الأجرام السماوية تتسم بالحياة والعقل والفضيلة، وأن النفس تنتمي إلى عالم الأفلاك، وأن النفس البشرية بعدما تخرج من البدن تمر بعدة أفلاك حتى تتطهر، إن لم تكن قد تطهرت في الدنيا بالرياضيات الروحية التي قال بها فيثاغورس، وبعدئذ تلتحق بعالم المعقول الواقع فيما وراء الأفلاك.
ويعتقد الكندي أن كلامه في العقل يتفق مع كلام أستاذه أرسطو الذي يزعم أنه (الفيلسوف المقدم بين الفلاسفة القدماء) ويرى أن أفلاطون لا يختلف في الجوهر مع أرسطو في هذا الحقل [4].
أما مذهبه في الأخلاق؛ فقد كان يستوحيه من أفكار الرواقيين في رسالته الموجودة (الحيلة لدفع الأحزان).