responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العرفان الإسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 350

محالة- كائناً ومستفيضاً وهو غير مناف لذات المبدأ الأول (جل اسمه) لأن ذاته كل الخيرات الوجودية [1].

وكما يبدو لنا أن هذا المبدأ هو التسلسل الطبيعي لقدم الإرادة، ولأنها عين ذاته، فمادامت الإرادة عين ذات الحق فهي ليست فقط قديمة، بل وأيضاً لا تتغير، ولذلك فإن إرادة الحق للخلق إرادة ضرورية وهي واجبة، وصدور الأشياء منه كصدور الأشعة من الشمس- كما مثل مبدع نظرية الفيض الشيخ اليوناني أفلوطين- إلا بفارق واحد، هو أن الشمس لا تعي الأشعة التي تصدر منها، والله (سبحانه عما يقول الجاهلون) يعي ذلك، ووعيه لصدور الأشياء، هو عين إرادته، أما أنه هل يستطيع أن يوقف الصدور؟ فإنهم يقولون: كلا.

وكما نرى: أن سلسلة النفي والتجريد وصلت عند ملا صدرا ومثل سابقيه من الفلاسفة ابتداءً من أفلوطين واستمراراً مع الفارابي، إلى تصور الخالق تصوراً قريباً جداً من تصور المادة الأولى (الهيولي) عند قدماء اليونان.

فماذا بقي للإله وقد جردناه باسم أو بآخر عن قدرته في الأشياء، بل في اختياره الأول لصدور الأشياء منه.

ويبدو أن ملا صدرا قد تنبه إلى مدى الفجوة التي ظهرت في نظريته فأراد حلها فقال: ولعلك تقول إذا كانت الضرورة الإلهية أزلية كان (لا صدور العالم) ممتنعاً بالذات، فيلزم أن يكون (صدوره) واجباً بالذات، وذلك ينافي إمكان وجوده بالذات [2].

وهكذا انتقد نفسه بما يلي: أن وجود العالم في رأيه لم يتحقق إلا بعد تحوله إلى واجب، وفق قاعدته المعروفة: (الشيء ما لم يجب لا يوجد). وإذاً فهو ليس بممكن، لأن عدم وجوده أصبح آنئذٍ ممتنعاً.

وتصدى للإجابة عن هذا الاعتراض بكلام طويل نختصره فيما يلي:


[1] (الأسفار، ج 8، ص 316- 317.

[2] () المصدر، ص 328.

اسم الکتاب : العرفان الإسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 350
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست