responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العرفان الإسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 182

فالواحد البسيط من كل وجه، والمبدأ الأول الذي لا انقسام فيه ولا تركيب، وليست فيه كثرة بأي اعتبار، هو في آن واحد لا شيء وكل شيء، وهو لا شيء، لأنه فوق كل شيء، ولأنه ليس من الممكن أن يُميز فيه شيء عن شيء، ولا أن يتبين فيه وجود معين، وهو كل شيء، لأنه مبدأ جميع الأشياء، منه ينبثق كل شيء، فهو الأشياء جميعاً، لأنه يحويها بالقوة- إذا صح التعبير- دون أن يكون واحداً منها [1].

ومن هنا؛ يبدو لنا أن أصحاب نظرية وحدة الوجود، هم في حقيقة الأمر مثاليون في نظرتهم إلى الأشياء المحيطة بهم، إذ لا يعترفون بماهية الأشياء وبأنها حقيقة، بل يرون أنها ظلال لتلك الحقيقة.

ويبدو أن اثنين من فلاسفة أوروبا الجدد- لا أقل- ذهبا إلى نظرية المثل الأفلاطونية، بالرغم من عدم بلورتها عندهم بصورة كاملة، وهما (مالبرانش) الفرنسي (1638- 1715) و (اسبينوزا) الهولندي (1632- 1677).

ولأن مالبرانش كان ملتزماً بالدين، فإنه لم يصرح بنظريته بصورة كاملة، بالرغم من أنه اشتهر عنه رأيه المعروف: أن كلما نراه إنما نراه في الله، إلا إن (اسبينوزا) كان أكثر تحرراً وصراحة في بيان مذهبه الذاهب في وحدة الوجود والذي يعتبر في ذات الوقت منهجاً للعقل عنده، أما العلاقة بين النظرية الأحادية إلى الكون والمنهج العقلي، فتعرف بما يلي:

إن خاصية رئيسية من خاصيات العقل أنه (يكون الأفكار الإيجابية قبل السلبية) والحال أن فكرة المتناهي فكرة سلبية إذ (تطلق صفة المتناهي في جنسه على كل شيء يمكن أن يُحد بشيء آخر من الطبيعة عينها. يقال مثلًا للجسم: إنه متناه، لأننا نتصور على الدوام شيئاً أكبر منه) وبصفة عامة فإن (كل تعيين سلب) أما


[1] () المصدر، ص 233.

اسم الکتاب : العرفان الإسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست