عليه السلام عندما سئل عن معنى الطعام قال:" علمه الذي يأخذه ممن يأخذه". فكما تعاف النفس العطشى المياه الآسنة، وتتلهف للارتواء بالمياه الصافية، والاغتذاء بالغذاء السليم الذي هو قوام الجسم، كذلك نفس المؤمن تعاف الانحرافات والخرافات والاساطير، وتصبو الى الفكر السليم الخالي من كل شائبة، هذا الفكر الذي يشكل بدوره طعام الروح، وإلّا ألزمها الله تعالى التيه الى يوم القيامة. إذ لعل فكرة واحدة تضل الانسان ضلالًا بعيداً بُعد السماء عن الارض.
ونحن حينما نتوجه في صلواتنا الى الله تعالى وندعوه اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّآلِّينَ (الفاتحة/ 6- 7) إنما نسأله جلّت قدرته أن يجنبنا التيه والضلال ويعصمنا عن كل زلل، ولاريب أن ذلك يتمثل فيما يتمثل بالاهتداء بنهج الرسول وأهل بيته الكرام.
الحب المجرد .. لايكفي:
ومن هذا المنطلق يمكننا أن نقول: إن ولايتنا لهم عليهم السلام لا تعني مجرّد الحب، كما لا تعني مجرّد إقتباس معالم ديننا منهم في الأمور الفرعية فحسب، وانما تعني قبل ذلك اقتباس ثقافتنا من ثقافتهم، وفلسفتنا من بصائرهم.
صحيح أنه لا تقليد في أصول الدين، ولكن هذا لا يعني العزوب عن منهج الرسول وأهل بيته عليهم السلام بل على المؤمن أن يستمع لهم، وأن يقرأ لهم، وبعدئذٍ هي القناعة لا غير. أما ألّا يقرأ الانسان لهم، ولا يستمع لأقوالهم، أو أن يقرأ لهم قراءة سطحية دونما تعمق أو تبصّر، فيكون بعيداً عن تلك الثروة الهائلة من معارف الرسول وأهل البيت عليهم السلام، فذاك هو المرفوض.