وتندرج تحت عقبة اللاعلامية او اللاعقلانية ثلاث صفات: طول الأمل، والتمني، والتضني. وكل من هذه الصفات رذيلة بذاتها وتستتبعها صفات رذيلة أخرى.
اما طول الامل فانما يعني الفرار من الحقيقة الى الوهم. يعني الفرار من رحاب الواقع الى كهف الحلم، وهذه هي اللاعلمية. وحينما يعيش الانسان آمال الخلود في هذه الدينا الفانية، فانما يعيش أحلاما تتناقض مع الحقيقة والواقع. فالحقيقة تقول كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ (الانبياء/ 35)، وهذه قوافل الموتى رسل الله للانسان تنذره بالرحيل الذي لا بد منه. لكنها القلوب المريضة والعيون التي أصابتها الغشاوة لا تعقل هذه الحقيقة ولا تدركها، بل لعل هناك من يزعم بأنه سيخلد أبد الدهر والى مالا نهاية دون أن يصرّح بذلك بلسانه، بل تراه يكشف عن زعمه عبر أفعاله وممارساته. ففارق بين أن يقف الانسان امام الله تعالى متوجها بكل أحاسيسه وجوارحه الى ربه ليصلي صلاة مودع؛ موقناً بأن إليه سبحانه وتعالى الرجعى وَأَنَّ السَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا (الحج/ 7) وأنه إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلايَسْتَقْدِمُونَ (يونس/ 49) فيؤدي صلاته منقطعاً الى الله عز وجل، إذ قد تكون صلاته هذه التي يقيمها الآن آخر صلاة له في هذه الدينا، وحينها ستكون بالنسبة إليه معراجاً روحياً حميداً الى الله سبحانه وتعالى؛ وبين أن يصلي الانسان
متوجهاً بوجهه الى القبلة، وجوارحه الى جهات شتى، وأفكاره موزعة لا يدري أثنتين صلى الصبح ام ثمانياً، لأن آماله وأحلامه إنما هي فيما بعد هذه الصلاة بلحظة او بساعة وحتى بألف عام. وهذا