أضف إلى ذلك ما فيه من المثوبة الأخرويّة، فقد روى الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه، قال:
(رَأَيْتُ عَبْدَ الله بْنَ جُنْدَبٍ فِي المَوْقِفِ [1] فَلَمْ أَرَ مَوْقِفاً كَانَ أَحْسَنَ مِنْ مَوْقِفِهِ، مَا زَالَ مَادًّا يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْهِ حَتَّى تَبْلُغَ الْأَرْضَ، فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا رَأَيْتُ مَوْقِفاً قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مَوْقِفِكَ!.
قَالَ: وَالله مَا دَعَوْتُ إِلَّا لِإخْوَانِي وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا الحَسَنِ مُوسَى عليه السلام أَخْبَرَنِي: أَنَّ مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ نُودِيَ مِنَ الْعَرْشِ وَلَكَ مِائَةُ أَلْفِ ضِعْفٍ.
فَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَ مِائَةَ أَلْفٍ مَضْمُونَةٍ لِوَاحِدَةٍ لَا أَدْرِي تُسْتَجَابُ أَمْ لَا) [2]
. وروي عن عبد الله بن جندب قال:
(كُنْتُ فِي المَوْقِفِ فَلَمَّا أَفَضْتُ [3]
لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شُعَيْبٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَكَانَ مُصَاباً بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ، وَإِذَا عَيْنُهُ الصَّحِيحَةُ
حَمْرَاءُ كَأَنَّهَا عَلَقَةُ دَمٍ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أُصِبْتَ بِإِحْدَى عَيْنَيْكَ، وَأَنَا وَالله مُشْفِقٌ عَلَى الْأُخْرَى، فَلَوْ قَصَرْتَ مِنَ الْبُكَاءِ قَلِيلًا.
فَقَالَ: وَالله يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا دَعَوْتُ لِنَفْسِيَ الْيَوْمَ بِدَعْوَةٍ.
[1] هو عرفات في عرف المتقدّمين، فإذا قالوا الموقفان أرادوا عرفات ومشعر.
[2] الأصول من الكافي: ج 2، ص 508.
[3] أي كنت في عرفات فلما ذهبت إلى المشعر.