وفي القسم الثالث من الخطبة يوص الإمام بإتّباع نهج الأئمة لأنّهم سفن النجاة، وحبل الله المتين. ويقول:
(أيّها الناس! عليكم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعذرون جهالته، فإنّ العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيّون إلى محمد خاتم النبيين، في عترة محمد، فأين يتُاه بكم؟ ل أين تذهبون، يامن نسخ من أصلاب أصحاب السفينة، فهذه مثلها فيكم فاركبوها، فكما نجا في السفينة من نجا كذلك ينجو في هذه من دخلها أنا رهين بذلك، قسماً حقّاً، وما أنا من المتكلّفين، الويل لمن تخلف ثم الويل لمن تخلّف [2].
خلاصة الافكار
وخلاصة الحديث في هذا الباب:
إنّ مفتاح هذا الباب معرفة العقل حسب منطق الوحي وأهله، وتمييزه عمّا يسمّيه الآخرون عقلًا وما هي إلا مناهج يخلط فيها الرأي بالقياس وبأهواء تُتبع وتقاليد تُرعى.
ومن أعانه الله على نفسه فعرف عقله، وزكاه بنور الوحي، وقمع شهواته، واستعاذ بالله من وساوس الشيطان وهمزاته ولمزاته، واتصل قلبُه عبر نور ولاية الله وولاية أوليائه وعبر ضياء عبودية الله الخالصة اتّصل بالحقائق حتى شاهدها عين اليقين.
إنه يرى يؤمئذ- حقائق الدين، ويستنبط أحكامه من جوامع العلم التي يرثها من كتاب الله وسنّة النّبي وأهل بيته، وبما أوتي من ضياء الإيمان ونور العقل.
أمّا من لا يزال يعيش في ظلمات الهوى والشهوات وتحيط به غشوات الغفلة والجهالات فعليه انْ يعرف قدر نفسه ويبتعد عن الفتيا فراره من الأسد. وأنّ من مصائبنا أننا بدل انْ نفتش عن مناهج الدين في معرفة الأحكام الالهية ترانا نخوض في غمرات الشك ونتسائل دائماً عن وظيفة الجاهل، كمن لا يعالج بصره حتى يرى الحقائق رأي العين. ويفتش دائماً عن عصى العميان ولو بذلنا هذا الجهد الكبير الذي صرفناه