اسم الکتاب : الفقه الإسلامي دراسة استدلالية في فقه الخمس و أحكام الإنفاق و الإحسان المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 64
وإلى هذه الحقيقة تشير الآية الكريمة: مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ[1]، وذهبت بكل جهودهم في لحظات، إذ إنهم ظلموا أنفسهم، ولم يختاروا- مثلًا- مكاناً مناسباً للزراعة، فهل اللّه مسؤول عن بعث رياح هوج؟!.
كلَّا، إنهم هم المسؤولون: وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[2].
إذا لم يكن الإنفاق من أجل اللَّه وفي موضعه المناسب فإنه لن ينفع صاحبه، فإنفاق الكفار يخدم أهداف الطغاة ويصدّ عن سبيل اللّه، وعن إقامة العدل، وإشاعة الرفاه.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّه، فمثلًا: تراهم ينفقونها من أجل طبع الكتب الضالة، وتمويل الصحف والفضائيات المأجورة، أو ينفقونها على أدعياء العلم والدين مِنْ خدم السلطات المتجبِّرة، أو ينفقونها لتمويل الحروب ودعم كيان أجهزة المخابرات.
بَيْدَ أنّ هذا الإنفاق سيكون حسرة عليهم إذ لا ينفعهم شيئاً، بل يضرهم كثيراً، وسينتهون إلى جهنم جميعاً: فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ.