الجبل الأشم ينحدر منه السيل بقوة واندفاع، ولكن دون أن تتأثر صخوره الصلبة بأمواج السيل أو بهديره، كذلك المؤمن ينحدر منه الإحسان إلى جوانب الحياة دون أن يسبب له الإحسان ضعفاً أو تعالياً على الآخرين.
فالمؤمن لا يتعالى على الفقراء، وفي ذات الوقت لا يسمح أن يتعالى عليه الأغنياء، ولا يخضع لرجال العلم ولكنه لا يمنع نفسه فضلهم، بل يُحسن إليهم كما يُحسن إلى الفقراء دون فرق.
أما الأغنياء الذين يريدون أن يفرضوا عليه سلطانهم، فالمؤمن يثور عليهم ولا يخضع أبداً لمالهم، ولا يخشى عقابهم.
ولكن بما أنّ أغلب الأغنياء يفرضون سلطانهم على الضعفاء بشكل أو آخر، فإن القرآن بدأ حديثه عن سلبيات هذه الطبقة بهدف إسقاطها في أنظار الناس، إلَّا إذا التزموا بشروط الطاعة للَّه والرسول والقيادة الإسلامية، والإنفاق في سبيل اللَّه بإخلاص تام، وقال: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا* الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ[2].
فمن هوالمختال؟.
إنّه المغرور بثروته أو أي ميزة أخرى لديه، والفخور هو المتظاهر بهذه الثروة، والمتكبر بها على الناس، أو بأيّة صفة يملكها، وهذه الصفة النفسية ناشئة من الشعور بالضعف والنقص، ومحاولة جبران هذا الشعور بالاختيال، والفخر، والتكبر.
إنّ الإنسان يختال بنعم اللَّه عليه، كما إنّه يتطاول على الناس بتلك النعم. والطبقة الغنية