يقول الإمام علي عليه السلام في تفسير الآية الكريمة: «وأمّا وجه الإجارة فقوله عزوجل: نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف، 32] فأخبرنا سبحانه أن الإجارة أحد معايش الخلق، إذ خالف بحكمته بين هممهم وإرادتهم وسائر حالاتهم، وجعل ذلك قواماً لمعايش الخلق، وهو الرجل يستأجر الرجل في ضيعته وأعماله وأحكامه وتصرّفاته وأملاكه. ولو كان الرجل منّا يضطر إلى أن يكون بنّاءً لنفسه أو نجّاراً أو صانعاً في شيء من جميع أنواع الصنائع لنفسه، ويتولى جميع ما يحتاج إليه من إصلاح الثياب وما يحتاج إليه، مِن المَلِكِ فمن دونه، ما استقامت أحوال العالم بتلك، ولا اتّسعوا له، ولعجزوا عنه، ولكنّه أتقن تدبيره لمخالفته بين هممهم، وكلّما يطلب مما تنصرف إليه همّته مما يقوم به بعضهم لبعض،
اسم الکتاب : الوجیز في الفقه الإسلامی(عقود المنفعة و عقود الشركة) المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 9