فلو لم يدفع الغني ماله للفقراء، ولكنه يجالسهم ويحسب نفسه واحداً
منهم ويعتبرهم إخوانه ولم يتسلط عليهم، بل إذا صدرت منهم خطيئة صبر عليها وغفرها
لهم؛ هذا أفضل عند الله من أن يدفع ماله بدافع السيطرة عليهم، وتذليل كرامتهم،
وتكوين حالة طبقية في الأمة.
ويتابع القرآن الحديث عن ذات الفكرة بكلمة توجيهية للمؤمنين يحذِّر
فيها من أنّ صدقاتهم سوف تتبخَّر، بل وتحترق، بمجرد استخدامها في سبيل السيطرة على
الفقراء والمحرومين، ولا تعود الصدقات سبباً لنمو المال، ولا لرحمة الله في الآخرة.
ويضرب لنا مثلًا موضِّحاً: أرأيت كيف يبطل الانسان عمل الخير؟. إنه
أشبه شيء بأرض جبلية صمّاء، جمع الفلاح حفنة من التراب عليها ليزرع فيها، ولكن
سيول المطر ذهبت بتلك الحفنة من التراب، فعادت الأرض كطبيعتها الأولى لا تصلح
للزرع، هكذا هو الذي ينفق ماله، ثم يستخدم إنفاقه للسيطرة، كالصحراء لاتصلح لنبات
الخير