يعترف الضالون- بعد طول خصامهم في الجحيم- أن المجرمين؛ الذين قد
أضلوهم في الحياة الدنيا لن يكونوا لهم شافعين.
ولعمري، إن ندم الضَّالين سيصل إلى أشدِّ الدرجات، حتى تراهم يذهلون-
لما يرون من الحق- عندما يجدون أنفسهم في عذاب الجحيم، وقد تبيَّن لهم كل شيء مما
كان الأنبياء والأئمة قد حذَّروهم منه، فهم- من جهة- لا علاقة لهم بالمؤمنين
الأخيار، ومن جهة أخرى يرون أن من كان يعدهم خيراً، ويتحدَّث لهم عن قربه من الله
تعالى، وأنه سيُنجيهم مما أخبرهم به الأنبياء من عذاب الجحيم في يوم القيامة، يرونهم
قد سِيقوا قبلهم إلى نار جهنم.
وحينذاك لن يحول بينهم وبين المصير بهم إلى عذاب الخلد حائل، ولن
يشفع لهم شفيع.
وهذا وغيره يعكس مدى جدية القضية الأخروية، ويُؤكِّد ضرورة الابتعاد
عمَّن يستهين بالدين وبالمحرمات، ومدى أهمية البحث عن أخذ معالم الدين ممَّن ثبت
طُهرهم وسُموُّهم وإخلاصهم بالأدلة القاطعة؛ لأن لهؤلاء- فحسب- مقام الشفاعة في
محضر الربِّ المتعال في يوم القيامة، وليس كل مدَّعٍ كذَّاب يُشرّق بالناس تارة
ويُغرّب أخرى، ليس له ركن ركين. وإنما يجب البحث بالعقل