responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقاصد السور المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 66

فإذا عبدت الله فإنه يعبِّد لك كل شي‌ء. وقد جاء في الحديث القدسي

«يَا ابْنَ آدَمَ أَنَا حَيٌّ لَا أَمُوتُ أَطِعْنِي فِيمَا أَمَرْتُكَ حَتَّى أَجْعَلَكَ حَيّاً لَا تَمُوتُ، يَا ابْنَ آدَمَ أَنَا أَقُولُ لِلشَّيْ‌ءِ كُنْ فَيَكُونُ أَطِعْنِي فِيمَا أَمَرْتُكَ أَجْعَلْكَ تَقُولُ لِلشَّيْ‌ءِ كُنْ فَيَكُونُ» [1]

. أما إذا لم تعبد الله فإنك لن تكون سيداً على الطبيعة، بل ستكون الطبيعة سيدة عليك، يسلطها الله عليك متى جحدت وكذبت.

إذا؛ فالهدف من آيات ذكر الله سبحانه في الطبيعة ليس ذاتها، وإنما الهدف من ذلك هو تعميق روح الإيمان بالله في قلب الإنسان، وزرع اليقين في قلبه، فمسيرة الطبيعة هي تلخيص لحياة الإنسان؛ فمثلا يقول العلماء إن الطبيعة إلى زوال، وإنها في تناقص مستمر، أفلا يدل ذلك على أن أعمارنا كذلك؟ وإذا لم نصدق بأن أعمارنا ستنتهي عند حد معين لوجود موانع نفسية تمنع هذا التصديق، ألا يعني ذلك أنه لا بد أن تنتهي أعمارنا عند أفول الشمس والأرض والقمر إلى الأبد؟ هذا إذا تصورنا أن أعمارنا بقدرعمر الشمس والقمر (الآيات: 1- 2).

إن السياق القرآني العام يذكرنا بطبيعة النظام الموجود في الكون، وأن في هذا النظام دلالة واضحة على قدرة ربنا سبحانه.

وكما أن في كلية الحياة عبرة، فإن في تفاصيل الحياة عبر أخرى.

وتفاصيل الآيات الربانية كفيلة بتنبيه الغافلين، ذلك لمن ألقى السمع وهو شهيد. ولكن رغم كثرة الآيات وانتشارها في أرجاءالكون، يبقى الإنسان يرتاب في قدرة ربه على إحيائه بعد مماته.

ومهما يكن؛ فإن المشكلة العتيدة لدى الإنسان هي منهجية التفكير الحاكمة على عقله، وإذا صحت هذه المنهجية، استطاع أن يفكر تفكيراً سليماً لا يمنعه حجاب عن الوصول إلى المعرفة التي تزوده بالحكمة. والقرآن الكريم عبر آياته في هذه السورة المباركة يهدف إلى إصلاح منهجية الإنسان في التفكير بعد أن يبصره بالقوى الضاغطة عليه، كما أنه يصوّر لنا الطبيعة من جديد، حتى يلفتنا إليها وكأننا لم نرها من قبل (الآيات: 3- 7).


[1] مستدرك الوسائل: ج 11، ص 258.

اسم الکتاب : مقاصد السور المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست