ليست الحياة الدنيا التي تملأ أعيننا وقلوبنا بخيرها وشرها، بأنظمتها
وأحداثها وظواهرها .. سوى ظلال باهتة لذلك الحَيَوان العريض الواسع الخالد، وإنما
جيىء بنا إلى هذه الدنيا لنستعد فيها، ونتزود منها بالصالحات.
ونحن في الدنيا نشهد أهوالًا تفزعنا وتكاد تقلع أفئدتنا، ومنها
الزلازل العظيمة التي قد تبتلع في لحظات قليلة مدينةً كبيرة بناها الإنسان عبر
قرون متمادية، وإنها- على ذلك- ليست سوى زلزال محدود يضرب ناحية من الأرض، فكيف
إذا كان زلزالًا شاملًا للأرض كلها؟! فأي منظر رهيب، أم أي فزع عظيم، أم أية داهية
كبرى يكون ذلك الزلزال؟!.
إن سنة الله في الجزاء تتجلى في البصيرة التي تبينها سورة الزلزلة؛
إن من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، وإن من يعمل مثقال ذرة شراً يره؛ لكي لا يستهين
الإنسان بأعماله التي تتجسد له يوم القيامة، ذلك اليوم الثقيل الذي تزلزل الأرض
زلزالها، وتخرج الأرض ما في جوفها من أجساد ومعادن وأجسام مختلفة، ويستبد بالإنسان
حيرة ويتساءل: ما لها؟ وترى الناس يصدرون في مذاهب شتى، حسب أفعالهم وحسب درجاتهم.