responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقاصد السور المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 284

والحل الناجع لهذه المعضلة عند البشر يتم بإعادة التوازن بينهما إلى نفسه، ولأن العاجلة شهود يعايشه بوعيه وحواسه فإن حاجته الملحة إلى رفع الغيب إلى مستوى الشهود عنده، ولذلك يضعنا القرآن أمام مشاهد حية من غيب الآخرة حيث الناس فريقان: فريق السعداء الذين تُجَلِّل وجوههم النضارة، ويصلون إلى غاية السعادة بالنظر إلى ربهم عز وجل، وفريق البؤساء الخاسرين أصحاب الوجوه الباسرة، الذين ينتظرون بأنفسهم العذاب والذلة (الآيات: 22- 25).

ويمضي بنا السياق شوطا آخر يحدثنا فيه عن لحظات الموت الرهيبة حيث تبلغ النفس التراقي فيعالج الإنسان سكرات الموت حيث يلف ساقا بساق، ويقبض كَفًّا ويبسط أخرى. بلى، إنه أول مشهد من الآخرة، والنافذة على عالمها الواسع.

وكما أن تكذيب أحد بهذه الحقيقة لا يدفعها عنه ولا يُغَيِّر من شأنها فإن التكذيب بالآخرة هو الآخر لا يُغَيِّر قدر ذرة من أمرها، لأنها حقيقة واقعة وقائمة (الآيات: 26- 29).

ولأن مشكلة الإنسان ليست إنكار الموت، ولا زعم القدرة على دفعه، بل الشك فيما بعده أو الكفر به، انعطف القرآن نحو إنقاذه من حيرة الشك في المستقبل والجهل به، وكأنه يحل لغزا رجع صداه في أكثر النفوس البشرية، ببيان أن مسيرته في الحياة لا تنتهي بالموت، وإنما الموت جسر إلى عالم أبدي أوسع، هو عالم لقاء الله والحساب والجزاء بين يديه، وذلك مما يعمق الشعور بالمسؤولية في النفس (الآية: 30).

وغياب هذه الحقيقة من وعي الإنسان هو المسؤول عن عدم تصديقه وعن تركه للصلاة، وهو يدفعه إلى التكذيب، وركوب مطية الغرور، وإن من يكون على هذه الصفات الموت أولى به من الحياة، والعذاب من الرحمة (الآيات: 31- 35).

ويرجعنا القرآن إلى الجذر الأصيل لكفر الإنسان بالبعث والجزاء: إنه جهله بقدرة ربه سبحانه، فليتفكر في أصل خلقته حين كان‌ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (37) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فخلقه الله وسوَّاه، متكاملا في ذاته، ومتكاملا مع الجنس الآخر بأن خلق‌ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ اْلأُنْثى‌ فهذه آية واضحة للعقل على قدرة الله‌ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى‌، لأن أصل الخلق أعجب وأدل على قدرته تعالى من الإعادة (الآيات: 36- 40).

اسم الکتاب : مقاصد السور المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست