responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 88  صفحة : 15

النسخ عززت وجللت، وهو أظهر " إن الله اشترى " [1] قيل حقيقة الاشتراء لا يجوز عليه، لان المشترى إنما يشترى ما لا يملك وهو تعالى مالك الأشياء كلها لكنه مثل قوله سبحانه: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " [2] في أنه تعالى ذكر لفظ الشراء والقرض تلطفا لتأكيد الجزاء [3] ولما كان سبحانه ضمن الثواب على نفسه


[١] براءة: ١١١.
[٢] البقرة: ٢٤٥، الحديد: 11.
[3] بل ذكر الاشتراء حقيقة لا مجازا، ولا ينافي ذلك ملكه للنفوس والأموال، فان الله عز وجل قد ملك النفوس والأموال تكوينا وإنما خير كل نفس وما يفعله في نفسه وماله تشريعا واختبارا، وكلفهم في أنفسهم وأموالهم بما رضى منهم ولهم ومن ذلك التكليف والاختبار: اشتراء أموالهم وأنفسهم بأن لهم الجنة ترغيبا في الطاعة.
فالمعاملة تشريعية عرفية، وإن كان رأس المال مملوكا للمشترى تكوينا.
فكما قد يكاتب الرجل عبده المملوك الذي لا يملك لنفسه شيئا، بأنه ذلك أن أدى إليه كذا وكذا فهو حر، أو يضاربه بأنه ذلك أن أدى إليه كل يوم ثلاث دراهم فلا عليه بعد ذلك ذلك أن استراح ولم يعمل عمله، يصح عرفا أن يعامل المولى الحقيقي مع عباده تكليفا واختبارا ويجعل لهم سبقا ترغيبا في الطاعة.
وكما لا يجوز للمولى أن يرجع في عقد كتابته ومضاربته ويتعلق بأن العبد وما في يده كان لمولاه، ولو تحامل على عبده واستنقذ ما في يديه من دون أن يحرره بعد أداء مال الكتابة أو ألجأه إلى العمل بعد توفيته كل يوم ثلاث دراهم كان ذلك مذموما عقلا، فهكذا بالنسبة إلى الله عز وجل وعباده المملوكين.
وبهذا البيان يندفع ما قالته المتكلمون من أن الجزاء بالتفضل لا بالاستحقاق، فان الاستحقاق إنما كان بعد التعامل وبسببه، لا بنفس العمل.
فلو كان الله عز وجل أمر عباده بالتكاليف ولم يعين لكل عمل من أعمال الخير المأمور بها جزاء، ثم تعبد الناس وأطاعوه في أوامره لم يكن لهم جزاء استحقاق، وكان ما أعطاهم عز وجل تفضلا واحسانا وأما بعد تعيين الجزاء جعلا والترغيب في الطاعة معاملة، فكل عامل يستحق جزاء عمله بهذا التعامل وإن كان بحسب التكوين تفضلا واحسانا في تفضل واحسان.

اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 88  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست