responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 88  صفحة : 12

سمائه وملكه، وعن النبي صلى الله عليه وآله الطاء طور سينا، والسين الإسكندرية، والميم مكة، وقيل الطاء شجرة طوبى، والسين سدرة المنتهى، والميم محمد المصطفى، وأما ن فقيل هو الحوت الذي تحت الأرض، وقيل هو الدواب، وقيل هو نهر في الجنة قال الله تعالى له كن مدادا فجمد، وكان أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد، فقال للقلم اكتب فكتب القلم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، روى ذلك عن الباقر عليه السلام.
ثم قال: [1] هذا الكلام يدل على أن ن وق وص ويس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وآله فأما ق وص فلم أر في التفاسير ما يدل على ذلك وأما يس فذكر الطبرسي في تفسيره أن معناه يا إنسان، عن أكثر المفسرين، وقيل: يا رجل، وقيل يا محمد وقيل معناه يا سيد الأولين والآخرين، وعن الصادق عليه السلام هو اسم النبي صلى الله عليه وآله وأما طه فهو يا رجل بلغة عكة قال الشاعر:
إن السفاهة طه من خلايقكم * لا بارك الله في القوم الملاعين قال الحسن هو جواب للمشركين حين قالوا إنه شقي فقال سبحانه يا رجل ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، لكن لتسعد به وتنال الكرامة في الدارين، قيل: وكان يصلي الليل كله [2] ويعلق صدره بحبل لا يغلبه النوم، فأمره سبحانه بالتخفيف على


[١] راجع مصباح الكفعمي ص ٦٥٢، بتقديم وتأخير.
[٢] ذكر ذلك مجاهد على ما نقله السيوطي في الدر المنثور ج ٤ ص ٢٨٨ وكان ينسبه إلى الصحابة أيضا كما في ص ٢٨٩ ولكنه كذب وزور، كيف وقد قال عز وجل في سورة المزمل وهي ثالثة السور النازلة على الرسول صلى الله عليه وآله: يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا " فأوجب عليه أن ينام شيئا من الليل نصفه أو ثلثه أو ثلثيه، على ما عرفت شرح ذلك في ج ٨٧ ص ١١٩، ولذلك حكى الله عز وجل سيرته وسنته صلى الله عليه وآله في آخر السورة وقال: ذلك أن ربك يعلم انك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك " فنص على أنه صلى الله عليه وآله وهكذا أصحابه كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، امتثالا لما ندبهم الله عز وجل إلى أنه جعل الليل لباسا والنوم فيه سباتا وجعل النهار معاشا.
فما أخرجه السيوطي في دره عن ابن مردويه عن علي عليه السلام أنه قال: لما نزل على النبي صلى الله عليه وآله " يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا " قام الليل كله حتى تورمت قدماه فجعل يرفع رجلا ويضع رجلا فنزل عليه طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " فمما يسقط ويتهافت صدره بذيله، فان آية المزمل تأمره بنوم الليل والقيام من نصفه أو آخره، فكيف خالف وقام الليل كله، وكيف يصح الصلاة مع القيام على رجل واحدة، والقيام كذلك موجب لفوات القرار وسبب للتحريك الدائم بالنسبة إلى القائم بالرجل السالمة، كيف وبالرجل المتورمة مع أن القيام على رجل واحدة إذا كانتا متورمتين أصعب وأوجع.
وهكذا ما قالوه في تعليق الحبل بالصدر، باطل مموه. فان القيام كذلك ينافي الاستقلال وبعد غلبة النوم والنعاس تبطل الصلاة رأسا وإنما تناسب العباد المتصنعين من المتصوفة.
فما روى من ذلك وأشباهها كلها آراء الصحابة والتابعين على ما نقله السيوطي في دره، وكلها خلاف الحق، وخلاف ظاهر الآية الكريمة، بل الحق أن السورة الكريمة بتمامها نزلت تسلية من الله عز وجل وتطييبا منه لقلب رسوله الكريم حيث قام فيهم بأعباء الدعوة سنين، وقاسى أنواع الشدائد والمحن في ذلك ولم يؤمن به مع ذلك الا قليل من قليل. حتى أن قريشا عيرته بأنه شقى مفلوك منذ نزل عليه القرآن بزعمه موهون عند ربه حيث أنزل عليه ما قد شقى به وذل وهان في قومه بعد ما كان عزيزا من دون أن يوفق ويأتي بخير ومن هو انه وشقائه على ربه أنه كلما آذيناه وعيرناه وأذللناه لا يعترينا ربه بسوء وكلما قلنا: فأتنا بما تعدنا ذلك إن كنت من الصادقين، لا يجترئ على ربه أن يسأل ذلك، ولعله سئله فلم يجبه.
فأنزل عليه عز وجل سورة طه جملا وفى صدرها هذه التسلية والتطيب بأنه: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى الا تذكرة لمن يخشى، يعنى أنك لا تشقى بالقرآن ودعوته بل تسعد وتعلو دعوتك على كل دعوة، وإنما قل المؤمنون بك والتابعون لدعوتك، لان القرآن تذكرة لمن يخشى ومن يتذكر ويخشى من المجتمع قليل من قليل وإنما يخشى الله من عباده العلماء بالله وهم الأقلون عددا.
ثم قص عليه قصة موسى بطولها وخصوصا ما قاساه من الشدائد والمحن قبل البعثة و بعدها وذكره بأنه أيضا لم ينجح دعوته الا بعد سنين متطاولة ومقاساة المحن الكثيرة الوافرة من فرعونه وملائه، بل ومن قومه بني إسرائيل قبل انجائهم وبعده من التضارب في الآراء ثم من فتنة السامري وعجله.
ثم ذكره صلى الله عليه وآله بقصه آدم وخروجه من الجنة حيث وعد للانس والجن على نفسه بتمتعهم في الحياة الدنيا اختبارا حيث قال: اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا " الآيات 123 و 124 من السورة.
ثم انزل عليه بعد هذه التقدمة والتوطئة، أن الله عز وجل إنما لا يعتريهم بسوء ولا ينزل بهم العذاب حسب استعجالهم ولا يأتيهم بالآيات طبقا لاقتراحهم، لما سبق منه الوعد بتمتعهم حتى حين، ولولا كلمة سبقت من ربك واجل مسمى قدر لهم لكان لزاما فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى.

اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 88  صفحة : 12
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست