responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 67  صفحة : 120

فلما سمع صاحبي ذلك نهض مسرعا مبادرا ففعل من القفز [1] والرقص والبكاء واللطم ما يزيد على ما فعله من قبله ممن كان يخطئه ويستجهله، وأخذ يستعيد من الشعر ما لا يحسن استعادته، ولا جرت عادتهم بالطرب على مثله، وهو قوله:
فطافت بذاك القاع ولها فصادفت * سباع الفلا ينهشنه أيما نهش ويفعل بنفسه ما حكيت ولا يستعيد غير هذا البيت حتى بلغ من نفسه المجهود، ووقع كالمغشي عليه من الموت، فحيرني ما رأيت من حاله، وأخذت أفكر في أفعاله المضادة، لما سمعت من أقواله، فلما أفاق من غشيته لم أملك الصبر دون سؤاله عن أمره، وسبب ما صنعه بنفسه مع تجهيله من قبل لفاعله، وعن وجه استعادته من الشعر ما لم تجر عادتهم باستعادة مثله، فقال لي: لست أجهل ما ذكرت، ولي عذر واضح فيما صنعت، أعلمك أن أبي كان كاتبا، وكان بي برا وعلي شفيقا، فسخط السلطان عليه فقتله، فخرجت إلى الصحراء لشدة ما لحقني من الحزن عليه، فوجدته ملقى والكلاب ينهشون لحمه، فلما سمعت المغني يقول:
فطافت بذاك القاع ولها فصادفت * سباع الفلا ينهشنه أيما نهش ذكرت ما لحق أبي، وتصور شخصه بين عيني، وتجدد حزنه علي، ففعلت الذي رأيت بنفسي. فندمت حينئذ على سوء ظني به، وتغممت له غما لحقه واتعظت بقصته.
11 - وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة [2]: روي أن قوما من المتصوفة دخلوا بخراسان على علي بن موسى عليهما السلام فقالوا له: إن أمير المؤمنين عليه السلام فكر فيما ولاه الله من الأمور، فرآكم أهل البيت أولى الناس أن تؤموا الناس، ونظر فيكم أهل البيت فرآك أولى الناس بالناس، فرأى أن يرد هذا الامر إليك، والإمامة تحتاج إلى من يأكل الجشب، ويلبس الخشن، ويركب الحمار، ويعود المريض.


[1] القفز: الوثوب وأصله للظبي.
[2] شرح النهج ج 3 ص 12. وفي ط 17.

اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 67  صفحة : 120
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست