لعل الهدف الأبعد والأسمى للشرائع الإلهية، والتي اكتملت بالقرآن
الكريم، هو صنع المجتمع الفاضل المُتقرِّب إلى الله سبحانه وتعالى دائمًا.
وبتغير آخر: الأمة الواحدة.
ويمكن تصوُّر المجتمع الإيماني الفاضل حينما تسوده العلاقات
الإيجابية والأخلاق الطيبة فيه. وآنذاك تنبثق سلطة صالحة؛ لأن القاعدة العقلية
بهذا الصدد تُؤكِّد أنه كيفما يكون الناس يُولَّى عليهم، كما هي القاعدة العقلية
الشايعة: (الناس على دين ملوكهم). فهي إذاً- معادلة تكاد تكون ثابتة.
وتلك السلطة الصالحة التي تنبثق من المجتمع الفاضل ستعينه على
استشراف الحق والتمسُّك بالصلاح وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ
نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ[1].
ولقد جاهد رسول الله (ص) حق الجهاد في سبيل صياغة الأمة التوحيدية،
ولا تزال تلك الصياغة تتردد أصداؤها في كل مكان. وما عند المسلمين من نعمة في
العصر الراهن، إنما هي شُعبة من تلك النعمة الكبرى.
وحسب هذه الآيات المباركات، فإن القيم الفاضلة تتشعب إلى ثلاث:
الأولى: قيمة النظام الاقتصادي، وتَقَدَّم القول
فيها خلال تفسير الآية السالفة.