لنا أن نتساءل عن الأسباب التي يقدم الله تعالى بسببها إلى ما عمل
بعض الناس من الأعمال فيجعلها هباءً منثورًا، أَوَلَيس ربنا هو العدل الذي لا
يجور، علمًا بأن هذه الأعمال الصائرة إلى حالة الهباء المنثور قد تكون صالحة في
الظاهر. نظرًا إلى أن مصير العمل الباطل معلوم، ولكونه عملًا زهوقًا منذ الشروع في
ارتكابه، بل ومنذ انعقاد النية عليه.
فهذا المصير البائس موجَّه إلى العمل الصالح، رغم أن الله سبحانه
وتعالى قال في كتابه الكريم: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
خَيْراً يَرَه[1]. وقال في آية كريمة أخرى:
كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً[2].
إذن؛ كيف يتحوَّل العمل الخيِّر بذراته جميعًا، وكيف ما كان ينبغي أن
يكون سعيًا مشكورًا، يتحوَّل إلى هباءٍ منثور؟.
الجواب
على ذلك يحتاج إلى معرفة حقيقه مهمة، وهي أن الله عزَّ وجلَّ هو محور
الحقائق؛ إذ لا شيء قائم بذاته، وإنما كل شيء قائم في جميع مراحله بإذن الله،
وهو الخالق للسماوات والأرض، وهو المهيمن المُقدِّر المُدبِّر لكل شيء، ولولا
الله وإرادته ما كان فاعلٌ وما كان فِعْلٌ وما كان مفعول.