و يقع الكلام في مراحل ثلاثة:
الاولى:في أنّ الصيغة تدلّ على الفور بنفسها،و على تقدير عدم الدلالة لها فهل هناك دليل خارجي يقتضي الفور؟
الثانية:في أنّه على تقدير الدلالة على الفور،فهل يسقط إذا لم يسارع العبد في امتثاله،أم يجب إتيانه ثانيا؟
الثالثة:في أنّه على تقدير وجوب الإتيان به ثانيا،فهل يجب فورا ففورا أم لا؟
أمّا الكلام في المرحلة الاولى:فملخّصه:أنّك قد عرفت أنّ الأمر مشتمل على
مادّة و هيئة و أنّ المادّة لا تدلّ إلاّ على صرف الطبيعة و أنّ الهيئة
أيضا لا تدلّ إلاّ على الطلب بأحد الأنحاء المذكورة،فالمجموع منهما لا
يستفاد منه إلاّ طلب الطبيعة،أمّا كونه فورا فلا،كما لا يستفاد منها كونه
متراخيا أيضا.
و أمّا الدليل الخارجي الذي ادّعي دلالته على الفور فهو آية { وَ سََارِعُوا إِلىََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ } [1]و آية { فَاسْتَبِقُوا اَلْخَيْرََاتِ } [2].
و كلّ منهما لا دلالة فيه على الفوريّة،لا لما ذكره في الكفاية:من أنّهما لو كانا واجبين لكان التحذير عن تركهما أنسب[3]لأنّه
إن أراد عموم هذا المطلب لجميع الواجبات لزم تأسيس فقه جديد.و إن أراد
خصوص هذا المورد باعتبار أنّ المسارعة إلى المغفرة لو لم يتحقّق لوقع
الإنسان في الشرّ و الغضب،فمن المعلوم أنّ المسارعة و الاستباق لا يلزم من
تركهما ترك المغفرة،بل يؤتى بالمغفرة يعني بأسبابها بلا مسارعة،بل إنّما
نقول بعدم دلالتهما،لما ذكره ثانيا من شمولهما للمستحبّات[4]