قد ذكر صاحب الكفاية قدّس سرّه[1]:أنّ
الوجوب التوصّلي ما كان الغرض يحصل منه بمجرّد حصول الواجب،و أنّ الوجوب
التعبّدي ما لا يحصل الغرض منه إلاّ بالإتيان بالواجب متقرّبا به إلى اللّه
تعالى.
و الظاهر أنّ في كلامه قدّس سرّه تسامحا،فإنّ المولى إذا تعلّق غرضه بفعل
عبده الصادر باختياره يبرز اعتباره كون الفعل في عهدة المكلّف و ذمّته،و
يترتّب على لفظه إبراز الاعتبار و جعل الداعي للمكلّف لإتيانه و امتثاله،و
هذا الأثر هو الذي يترتّب على الوجوب،و هذا لا يفرق فيه بين التعبديّة و
التوصّليّة،إذ إبراز الاعتبار و جعل الداعي مشترك بينهما.
نعم،الغرض المقصود من الواجب مختلف فقد يحصل بمجرّد إتيان الفعل و إن لم
يكن بقصد القربة و هو التوصّلي،و قد لا يحصل غرض المولى الذي دعاه إلى
الاعتبار إلاّ بإتيان الفعل مضافا إلى اللّه تعالى و هو التعبّدي.
ثمّ إنّ المعنى المعروف للتوصّلي و التعبّدي هو ما ذكرناه.و قد يطلق
التعبّدي على العمل الذي يعتبر صدوره من المكلّف مباشرة مختارا بصورة
محلّلة،و لو فقد واحد من هذه الثلاثة فهو التوصّلي،و بين هذا المعنى و
المعنى المتقدّم عموم من وجه؛