و قد
يكون الاتّحاد بين المحمول و المحمول عليه خارجيّا و المغايرة في المفهوم
فقط كما في قولك:زيد قائم،و كما في قولك:الناطق حيوان،فبين المفهومين
مغايرة صرفة،فإنّهما مفهوما متباينان و لكن اتّحادهما بحسب الوجود الذي هو
خارج عن الذات؛إذ الألفاظ موضوعة للماهيّات الصرفة مع قطع النظر عن الوجود و
العدم، و يسمّى هذا الحمل بالشايع لشيوعه في الاستعمال،و بالصناعي لأنّ
صناعة الشكل الأوّل في المنطق موقوفة عليه؛إذ لابدّ فيه من كلّية الكبرى
فلابدّ من كون المحمول في الصغرى فردا لكلّي و هو المناط في الشايع.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ صاحب الفصول قدّس سرّه لمّا رأى أن لا جهة تقتضي
صحّة الحمل في قولنا:«الإنسان حيوان ناطق»لتغايرهما ذاتا؛إذ إنّه قدّس سرّه
زعم أنّ التركيب بينهما انضمامي لا اتّحادي،فكلّ واحد من الجزأين غير
الكلّ قطعا مفهوما و خارجا، فاشكل عليه حينئذ صحّة الحمل،و لكنّه تخلّص[1]بدعوى كفاية الاتّحاد الاعتباري،فإنّا نعتبرهما أمرا واحدا فيصحّ الحمل.
و لا يخفى عليك أنّ اعتبارهما متّحدين إنّما يصحّح الحمل في مقام الاعتبار
لا الخارج،و بعبارة اخرى المغايرة الخارجيّة توجب صحّد الحمل خارجا و
الاعتباريّة تصحّحه اعتبارا،و من المعلوم أنّ صحّة الحمل في«الإنسان حيوان
ناطق»خارجيّة لا اعتباريّة فلا يصحّ الحمل الخارجي حينئذ.
التنبيه الرابع:في مغايرة المبدأ مع الذات
ذكر صاحب الكفاية قدّس سرّه[2]كفاية مغايرة المبدأ مع الذات مفهوما و إن اتّحدا خارجا ردّا على صاحب الفصول،فإنّ صاحب الفصول قدّس سرّه[3]ادّعى لزوم المغايرة