قد ذكر الفلاسفة الذاهبون إلى كون مفهوم المشتقّ بسيطا إلى أنّ الفرق بين
المشتقّ و مبدئه هو أنّ المشتقّ معتبر بلا شرط من ناحية الحمل،و المبدأ
معتبر بشرط لا أي بشرط عدم صحّة الحمل.
و قد أشكل في الفصول[1]بأنّ العلم لو أخذ بلا شرط أيضا لم يصحّ حمله على الذات أيضا،فليس التفاوت بينهما بما ذكر،بل التفاوت بينهما مفهومي.
و قد أجاب صاحب الكفاية قدّس سرّه[2]بأنّ
مرادهم من أخذ المفهوم ليس هو المفهوم الواحد كما هو المتعارف عند إطلاق
هذه العبارة،بل مرادهم أنّ التفاوت بينهما تفاوت ذاتي و أنّ المشتقّ ذاته
غير آبية عن الحمل،بخلاف المبدأ فإنّ ذاته آبية عنه،و استشهد لذلك بما
ذكروه في الفرق بين المادّة و الهيولى و بين الجنس و بين الصورة و الفصل.
و لا يخفى أنّ ما ذكره صاحب الفصول قدّس سرّه متين جدّا،فإنّ ظاهر كلامهم
أنّ الماهيّة الواحدة المشتركة في جامع واحد يجمعها إن لوحظت لا بشرط كانت
مشتقّا مثلا، و إن لوحظت بشرط لا كانت مبدأ بنحو يكون هذان القيدان هما
المميّزان للمشتقّ و مبدئه.
و ما ذكره صاحب الكفاية قدّس سرّه من شهادة كلامهم في الهيولى و الصورة على
ما ذكره كافل بعكس مقصوده،فإنّ الهيولى و الجنس شيء واحد إنّما اختلفا
باعتبار أخذ الهيولى بشرط لا و الجنس لا بشرط،فالذات فيهما واحدة ليس
بينهما تغاير ذاتي أصلا،و ذلك أنّهم ذكروا أنّه تارة يتصوّر الشيء بتمامه
فيتصوّر الإنسان بأنّه حيوان ناطق و هو النوع،و اخرى يتصوّر بأجزائه،فإن
تصوّر بما به الاشتراك فهيولى و إن تصوّر بما به الامتياز فصورة.