و لم
ينقل الخلاف في ذلك إلاّ عن الشهيد في الذكرى، فإنّه ذهب إلى القول بوجوب
الإزالة على خصوص من نجّس المسجد تعيينا، وعن المدارك احتماله[1].
أقول: إن أراد بذلك سقوط التكليف عن الغير حتى فيما لو أخلّ المنجس
بالإزالة تقصيرا أو قصورا فهو خلاف الإجماع والارتكاز وغيرهما من الأدلة،
إذ لا ينبغي التأمل في وجوب الإزالة حينئذ على سائر الناس، كما إذا استند
التنجيس إلى غير الفاعل المختار، كما إذا بال الصبي في المسجد أو تنجس بفعل
حيوان أو مجنون أو نحو ذلك، فكما تجب الإزالة في هذه الصورة على عامة
المكلفين كذلك فيما نحن فيه لو أخلّ الفاعل المختار بالإزالة.
و إن أراد بذلك وجوبه عينا على من نجّسه وكفاية على غيره لو عصى نظير وجوب
إنفاق الوالد على ولده الفقير، فإنّه يجب على والده عينا وعلى غيره كفاية
حفظا للنفس المحترمة. وكما في وجوب تجهيز الميت على وليّه عينا وعلى غيره
كفاية فلا يسقط الوجوب عن سائر الناس بامتناع من يجب عليه-فهو وإن كان
معقولا في نفسه، ولا محذور في الالتزام به، لحصول الإزالة المطلوبة على أيّ
تقدير إلاّ أنّه لا دليل على هذا التفصيل، لأنّ الدليل على الحكم-من
الإجماع والارتكاز والآية الكريمة-واحد بالنسبة إلى الجميع، ويتساوى فيه
الكل من دون تعيين لبعض دون بعض ولو كان هو المنجس للمسجد. فالصحيح هو ما
ذهب إليه المشهور المدّعى عليه الإجماع من وجوب الإزالة كفاية بالنسبة إلى
عامة المكلفين مطلقا سواء حصلت النجاسة بفعل فاعل مختار أو غيره.