و
کان الغرض من هذه الجمعیّة: البت فی المسألة الروحیّة و تحقیق حوادثها
باسلوب النقد الصارم، و الحکم بقبولها نهائیا فی العلم إن کانت حقیقة. أو
تقریر إبعادها عن العلم و الفلسفة إن کانت من الأمور الوهمیّة. فمضی علی
هذه الجمعیّة حوالی نصف قرن، حققت فی خلالها الوفا من الحوادث الروحیّة، و
عملت من التجارب فی النفس و قواها، ما لا یکاد یدرک، لو لا أنّه مدوّن فی
محاضر تلک الجمعیّة فی نحو خمسین مجلّدا ضخما. فکان من ثمرات جهادها إثبات
شخصیّة ثانیة للإنسان، أی أنّنا أحیاء مدرکون فی حیاتنا الحاضرة، لا بکلّ
قوی الروح التی فینا، بل بجزء من تلک القوی سمحت لنا بها حواسّنا الخمس
القاصرة. و لکن لنا فوق ما تعطیه لنا حواسّنا هذه حیاة أرقی من هذه الحیاة،
لا تظهر بشیء من جلالها إلّا إذا تعطّلت فینا هذه الشخصیة العادیّة
بالنوم العادی أو النوم الصناعی المغناطیسی أو بالموت. و قد سجّل
الأستاذ «فرید و جدی» شهادات ضافیة من علماء کبار بهذا الشأن، فی دائرة
معارفه [1]، و الأستاذ «أمین الهلالی» فی کتابه: المذهب الروحانی [2]، و
الدکتور «رءوف عبید» فی کتابه: الإنسان روح لا جسد [3]، و الأستاذ «جیمس
آرثر. فندلای» فی کتابه: علی حافة العالم الأثیری [4]، و غیرهم کثیرون،
فراجع.
فذلکة البحث:
و خلاصة ما سبق من الأبحاث: انّ الإنسان یملک فی وجوده جانبین، هو من
(1) إثبات الروح بالبراهین الحسیّة، مادة روح: ج 4 ص 364- 400. الوحی و
فلاسفة الغرب، مادّة وحی: ج 10 ص 712- 720. (2) الباب الثانی، إثبات وجود النفس بالأدلّة الطبیعیّة: ص 36- 44. و الباب الثالث: إثبات خلود النفس بالحوادث الروحیّة: ص 62- 64. (3) الفصل التاسع، بین العقل و المخ: ج 1 ص 649- 681، مفصّل الإنسان و روح لا جسد. (4) الفصل الثالث، المادة و العقل: ص 47- 51 ترجمه أحمد فهمی الطبعة الثالثة.