اسم الکتاب : رساله فی الامامه و ذکر اغلاط العامه المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 9
الوجه الثانی مع القسم الثانی لا تنافی بینهما وبین ما قضی من
الأدلة بالتعیین لأن جمعهما أمر ممکن ، نعم ما کان من أدلتهم علی الوجه
الأول یعارض وینافی الأدلة الدالة علی تعیین الإمامة بالنص ، ولا یمکن
الجمع بینهما البتة ، ضرورة إن فرض صدق کل واحد منهما یدل دلالة عقلیة
إجمالیة علی فساد الثانی ، وأدلة المخالفین إذا تصفحتها ألفیتها تشتمل علی
جمیع الضروب السابقة ، لکن ما کان منها من قبیل الوجه الأول قلیل وضعیف جدا
، وما کان بزعمهم قوی فهو غیر نافع وغیر مجد لما عرفت من إمکان الجمع بین
الدلیلین ، وسیأتی القول فی تفصیل ذلک إن شاء الله .
المقدمة الرابعة : -
إن جمیع الأمور تنقسم إلی ممکن ومحال والمحال ینقسم إلی محال عادی وعقلی
والمحال العادی هو ما حصل العلم بعدم وجوده بملاحظة العادة ، والمحال
العقلی هو ما استحال وجوده بملاحظة العقل ، ولازم المحال العقلی إنه لا
یثبت خلافه بدلیل عقلیا کان الدلیل أو عادیا ، لأن العادی لا یعارض العقل ،
والعقلیان لا یتعارضان ، ولا بد أن یرمی أحدهما بالاشتباه فیکشف
المعارض عن إن المعارض - بالفتح - غیر محال عقلی ، بل ممکن عقلی ، وکذا
المحال العادی لا یمکن إثباته بالعادة ، وإلا یلزم إنه غیر محال عادی ، نعم
یمکن إثبات خلافه بدلیل عقلی إذ لا منافاة بین امتناع الشیء بحسب العادة
وبین وقوعه بقدرة الله تعالی . وأما الأدلة الشرعیة فقسمان قطعیة وظنیة : - والأول هو الذی لا یتطرقه احتمال الخلاف ، والثانی ما یحتمل فیه ذلک . والقسم الأول لا یقبل المعارضة حتی بالدلیل العقلی ، ولو
اسم الکتاب : رساله فی الامامه و ذکر اغلاط العامه المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 9