اسم الکتاب : رساله فی الامامه و ذکر اغلاط العامه المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 8
من الشؤون ، ولا منصب من المناصب وذلک أمر بدیهی لا یحتاج إلی تجشم الاستدلال .
المقدمة الثالثة : -
إنک بعد ما عرفت إن وجوب نصب الإمام عند المخالفین هو علی الأمة لا علی الله تعالی ورسوله ، وإن مسألة الإمامة من فروع الدین لا من أصوله ، علی خلاف ما تدعیه الفرقة المحقة ، ومر علیک فی المقدمة الأولی إن النزاع فی مسألة الإمامة راجع إلی النفی والإثبات ، وینبغی إن تحیط خبرا بأن کل دلیل ترکن إلیه الإمامیة فی
تنویر دعواهم ، وإثبات مدعاهم من آیة أو نص ینافی طبعا ما تعلق به أهل
الخلاف من ذلک بتعیین المخلوقین من الأمة ، فحینئذ ثبوت أدلة الفرقة المحقة
قاض بفساد خلافة الخلفاء ، وبطلان تصرفهم فی الأمور الراجعة إلی منصب
الإمامة ، ولا یحتاج بعد إلی نصب دلیل علی فساد خلافة الخلفاء ، ولا إلی
التفکر فی أدلتهم نقضا وإبراما ، بل أدلة الشیعة حاکمة علی تلک الأدلة
ومزیلة لها ، إذ الأدلة التی تعلقوا بها علی إثبات خلافة الخلفاء لا تخلو
عن وجهین : لأنها إما أن تقتضی بعدم تعیین إمام بالنص من النبی ، وإما أن
تکون ساکتة عن تعیین الإمام . والوجه الأول علی ضربین : - - ( الأول )
إن ما دل منها علی عدم التعیین یعارض الدلیل الدال علیه ویقاومه ، ومعنی
المعارضة هو إن اجتماع الدلیلین یستحیل واقعا ، ویلزم أن یکون أحدهما حقا
والأخر باطلا عقلا . ( الثانی ) ما یتوقف دلالته علی عدم تعیین الإمام
علی عدم دلیل یقضی بتعینه ، فمتی دل دلیل علی التعیین یسقط دلالته علی حقیة
خلافة الخلفاء ولا تتم .
اسم الکتاب : رساله فی الامامه و ذکر اغلاط العامه المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 1 صفحة : 8